الميتة وإن كان من مأكول اللحم ، وعدم جواز الانتفاع بأجزاء الميتة ولا بألياتها إلّا للاستصباح أو نحو ذلك.
والمناقشة بأعمّيّة كلّ من هذه الآثار من النجاسة ، في غير محلّها بعد ما أشرنا إليه من أنّ الملحوظ في السؤال والجواب لم يكن إلّا حكمها من حيث النجاسة ، كيف! وليس في سائر أبواب النجاسات إلّا مثل هذه الأدلّة ، وقد سمعت أنّ عمدة المستند لعموم نجاسة البول من كلّ شيء إنّما هي حسنة (١) ابن سنان ، الآمرة بغسل الثوب من أبوال ما لا يؤكل لحمه.
وبما ذكرنا ظهر لك تقريب الاستشهاد بأخبار البئر ، التي ورد فيها الأمر بالنزح لموت الحيوانات ولو لم نلتزم بنجاسة البئر بملاقاة النجس ، ضرورة أنّ المقصود بالسؤال عن البئر الواقع فيها شيء من بول أو عذرة أو خمر أو ميّت ونحوها لم يكن إلّا معرفة حكمها من حيث وقوع النجس فيها ، فيكون وجوب النزح أو استحبابه من آثار نجاسة ما وقع فيها ، سواء قلنا بنجاسة ماء البئر أم لم نقل ، فهل يبقى مجال للتشكيك في استفادة نجاسة الميّت من مثل قوله عليهالسلام :«الدم والخمر والميّت ولحم الخنزير في ذلك كلّه واحد ينزح منه عشرون دلوا ، فإن غلب الريح نزحت حتّى تطيب» (٢)؟
هذا ، مع أنّ ما في هذه الأخبار من الدلالة على فساد ماء البئر عند تغيّرها بالميتة كفانا دليلا لإثبات المدّعى.
__________________
(١) تقدّم تخريجها في ص ١٣ ، الهامش (١).
(٢) التهذيب ١ : ٢٤١ / ٦٩٧ ، الإستبصار ١ : ٣٥ / ٩٦ ، الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب الماء المطلق ، ح ٣.