وزاد الأخفش والعروضيّون تنوينا سادسا ، وسمّوه الغالي ، وهو : اللاحق لآخر القوافي المقيّدة ، كقول رؤبة [من الرجز] :
٤٠٥ ـ وقاتم الأعماق خاوي المخترقن |
|
مشتبه الأعلام لمّاع الخفقن (١) |
وسمّي «غاليا» لتجاوزه حدّ الوزن ، ويسمّي الأخفش الحركة التي قبله «غلوّا» ، وفائدته الفرق بين الوقف والوصل ، وجعله ابن يعيش من نوع تنوين الترنّم ، زاعما أن الترنم يحصل بالنون نفسها ، لأنها حرف أغنّ ، قال : وإنما سمّي المغنّي مغنّيا ، لأنه يغنّن صوته : أي يجعل فيه غنّة ، والأصل عنده مغنّن بثلاث نونات فأبدلت الأخيرة ياء تخفيفا ؛ وأنكر الزجّاج والسيرافي ثبوت هذا التّنوين ألبتّة ، لأنّه يكسر الوزن ، وقالا : لعلّ الشاعر كان يزيد «إن» في آخر كلّ بيت ، فضعف صوته بالهمزة ، فتوهّم السامع أن النّون تنوين ؛ واختار هذا القول ابن مالك ، وزعم أبو الحجّاج بن معزوز أن ظاهر كلام سيبويه في المسمّى تنوين الترنّم أنه نون عوض من المدّة ، وليس بتنوين ؛ وزعم ابن مالك في التحفة أنّ تسمية اللاحق للقوافي المطلقة والقوافي المقيّدة تنوينا مجاز ، وإنما هو نون أخرى زائدة ، ولهذا لا يختصّ بالاسم ، ويجامع الألف واللام ، ويثبت في الوقف.
وزاد بعضهم تنوينا سابعا ، وهو تنوين الضّرورة ، وهو : اللاحق لما لا ينصرف ، كقوله [من الطويل] :
٤٠٦ ـ ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة |
|
فقالت : لك الويلات ؛ إنّك مرجلي (٢) |
وللمنادى المضموم ، كقوله [من الوافر] :
٤٠٧ ـ سلام الله يا مطر عليها |
|
وليس عليك يا مطر السّلام (٣) |
وبقوله أقول في الثاني دون الأول ؛ لأن الأول تنوين التمكين ؛ لأن الضرورة أباحت الصرف ، وأما الثاني فليس تنوين تمكين ، لأن الاسم مبني على الضم.
وثامنا ، وهو التنوين الشّاذّ ، كقول بعضهم : «هؤلاء قومك» حكاه أبو زيد ، وفائدته مجرد تكثير اللفظ ، كما قيل في ألف «قبعثرى» ، وقال ابن مالك : الصحيح أن هذا نون
__________________
(١) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (غلا) ، وتاج العروس مادة (غلا).
(٢) البيت من الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ١١ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٤٥ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٢٧.
(٣) البيت من الوافر ، وهو للأحوص في ديوانه ص ١٨٩ ، والأغاني ١٥ / ٢٣٤ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٥٠ والدرر ٣ / ٢١ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ٢١٣ ، والإنصاف ١ / ٣١١.