فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ) [البقرة : ١٥١] : إنّ «الكذب» بدل من مفعول «تصف» المحذوف ، أي : لما تصفه ؛ وكذلك في (رَسُولاً) بناء على أن «ما» في (كَما) موصول اسميّ ، ويردّه أن فيه إطلاق «ما» على الواحد من أولي العلم ؛ والظاهر أن «ما» كافّة ، وأظهر منه أنها مصدريّة ، لإبقاء الكاف حينئذ على عمل الجرّ ؛ وقيل في «الكذب» إنه مفعول إمّا لـ «تقولوا» والجملتان بعد بدل منه ، أي : لا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم من البهائم بالحلّ أو الحرمة ، وإما لمحذوف ، أي : فتقولوا الكذب وإما لـ «تصف» على أن «ما» مصدريّة والجملتان محكيّتا القول ، أي : لا تحلّلوا وتحرّموا لمجرد قول تنطق به ألسنتكم ؛ وقرىء بالجر بدلا من «ما» على أنها اسم ، وبالرفع وضم الكاف والذال جمعا لـ «كذوب» صفة للفاعل ؛ وقد مرّ أنه قيل في «لا إله إلا الله» : إنّ الله تعالى بدل من ضمير الخبر المحذوف.
حذف المؤكّد وبقاء توكيده
قد مرّ أن سيبويه والخليل أجازاه ، وأن أبا الحسن ومن تبعه منعوه.
حذف المبتدأ
يكثر ذلك في جواب الاستفهام ، نحو : (وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) نارُ اللهِ) [الهمزة : ٥ ـ ٦] أي : هي نار الله (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (١٠) نارٌ حامِيَةٌ) [القارعة : ١٠ ـ ١١] ، (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) [الواقعة : ٢٧ ـ ٢٨] ، الآيتين ، (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ) [الحج : ٧٢].
وبعد فاء الجواب ، نحو : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) [فصلت : ٤٦ ، والجاثية : ١٥] أي : فعمله لنفسه وإساءته عليها ، (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) [البقرة : ٢٢٠] أي : فهم إخوانكم (فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌ) [البقرة : ٢٦٥] ، (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) [فصلت : ٤٩] ، (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) [البقرة : ٢٨٢] ، أي : فالشاهد ، وقرأ ابن مسعود (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ) [المائدة : ١١٨].
وبعد القول ، نحو : (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [الفرقان : ٥] ، (إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) [الذاريات : ٥٢] ، (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ) [الكهف : ٢٢] الآيات ، (بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ) [الأنبياء : ٥].