الاستعمال الثاني : أن تسند إلى «أن» والفعل ، فتكون فعلا تامّا ، هذا هو المفهوم من كلامهم ، وقال ابن مالك : عندي أنها ناقصة أبدا ، ولكن سدّت «أن» وصلتها في هذه الحالة مسدّ الجزأين كما في : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) [العنكبوت : ٢] ، إذ لم يقل أحد : إن «حسب» خرجت في ذلك عن أصلها.
الثالث والرابع والخامس : أن يأتي بعدها المضارع المجرّد ، أو المقرون بالسين ، أو الاسم المفرد ، نحو : «عسى زيد يقوم» ، و «عسى زيد سيقوم» ، و «عسى زيد قائما» والأول قليل كقوله [من الوافر] :
______________________________________________________
الاستعمال الثاني) من الأوجه التي تستعمل عليها أن تسند إلى أن والفعل نحو : عسى أن يقوم زيد ، (فتكون فعلا تاما هذا المفهوم من كلامهم) قال المصنف في حواشي «التسهيل» اعلم أن ظن لم تحتج إلى المفعولين في نحو : ظننت زيدا قائما من حيث هما مفعولان ، بل من حيث إن وضعها للدلالة على التعلق بالشيء على صفة ، وذلك لا يتأتى إلا بين شيئين فتارة يكون هذان الشيآن مفعولين كالمثال ، وتارة يكون في ضمن مفعولين واحد نحو : ظننت أن زيدا قائم وبهذا تعلم صحة قول سيبويه في أنه لا يحتاج إلى تقدير شيء آخر ، وكذلك القول في عسى فإنها موضوعة لرجاء شيء على صفة ، فتارة لا يدخل عليهما عامل سواها فتؤثر في لفظ أولهما ، ومحل ثانيهما وتارة تدخل أن عليهما فتؤثر فيهما ، وتكتفي عسى بهما فإن قيل : فأجز عسى قيام زيد وظننت قيام زيد ، لما ذكرت فقد يقال : إنه لما كان المضاف إليه غير معتمد لذاته ، وإنما يؤتى به لغيره ، وكانت هذه الأفعال مستدعية في المعنى لاسمين ينعقد بينهما ما أريد بهما من المعنى شرطوا استقلال كل منهما بنفسه ، وأن لا يكون أحدهما كالتتمة للآخر فتكون كأنها إنما طلبت شيئا واحدا كما أن قام غلام زيد إنما طلب شيئا واحدا ، وجاء الآخر تتمة لذلك إلى هنا كلامه (وقال ابن مالك : عندي أنها ناقصة أبدا ، ولكنها سدت أن وصلتها في هذه الحالة مسد الجزأين كما في (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) [العنكبوت : ٢] إذ لم يقل أحد إن حسب خرجت في ذلك عن أصلها ، فكذلك عسى لا تخرج عن أصلها) في مثل وعسى أن تكرهوا بل يقال في الموضعين : سدت أن وصلتها مسد الجزأين ، ولا فرق بين الاستعمالات الباقية.
(الثالث والرابع والخامس أن يأتي بعدها) الفعل (المضارع المجرد) من أن حملا لها على كاد (أو المقرون بالسين) لمشاركتها لأن في الدلالة على الاستقبال (أو الاسم المفرد) لتضمن عسى معنى كان فأجريت في الاستعمال (نحو عسى زيد يقوم وعسى زيد سيقوم وعسى زيد قائما) وهذه الأمثلة على ترتيب ما ذكره من الاستعمالات الثلاثة الممثل لها (والأول قليل كقوله :