مناجاته وشجاعته، وإلى أيّوب في صبره، وإلى يحيى في زهده، وإلى عيسى في عبادته، وإلى يونس في ورعه، وإلى محمّد صلىاللهعليهوآله في خُلقه وحسبه وكمال منزلته، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب، فإنّ فيه تسعين خصلة من خصال الأنبياء جمعها الله فيه ولم يجمعها أحد غيره، الحديث.١
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله جالساً ـ يوماً ـ في جمع من صحابته، فقال : أيّكم آدم في علمه، ونوح في فهمه، وإبراهيم في حكمته؟ فلم يكن بأسرع من أن طلع عليّ عليهالسلام، فقال أبو بكر : يا رسول الله، أقِستَ رجلاً بثلاثة من الرسل؟ بخٍ بخٍ بهذا الرجل، من هو يا رسول الله؟
فقال النّبيّ صلىاللهعليهوآله أوَلا تعرفه يا أبا بكر؟!
فقال أبو بكر : الله ورسوله أعلم!
فقال صلىاللهعليهوآله : هو أبو الحسن عليّ بن أبي طالب.
فقال أبو بكر : بخٍ بخٍ لك يا أبا الحسن، وأين مثلك يا أبا الحسن، وقد شُبِّهتَ بجمع من الأنبياء؟!٢
وعن ابن عبّاس قال : إنّ جبرئيل عليهالسلام كان عند النّبيّ صلىاللهعليهوآله فدخل عليّ عليهالسلام فقال جبرئيل : هذا عليّ. فقال النّبيّ صلىاللهعليهوآله : يا أخي جبرئيل : هل تعرفه أهل السّماء؟ فقال جبرئيل : يا محمّد، والّذي بعثك بالحقّ نبيّاً، إنّ أهل السّماوات لأشدُّ معرفةً له من أهل الأرض، ما كبَّر تكبيرةً في غزوةٍ إلّا كبّرنا معه، ولا حمل حملةً إلّا حملنا معه، ولا ضرب ضربةً بالسيف إلّا وضربنا معه. يا محمّد، إن اشتقتَ أن تنظر إلى عيسى بن مريم في عبادته، وإلى يحيي بن زكريا في زهده وطاعته، وإلى سليمان بن داود في مملكته وسخاوته، وإلى موسى بن عمران
_______________________
١ ـ مودّة القربى ٢٦؛ المناقب لابن مغازليّ ٢١٢.
٢ ـ المناقب للخوارزميّ ٨٩.