وقال النّسائيّ : عن عمّار بن ياسر قال : كنت أنا وعليّ بن أبي طالب عليهالسلام رفيقين في غزوة العُشيرة، فلمّا نزلها رسول الله صلىاللهعليهوآله وأقام بها رأينا أناساً مِن بني مُدلج يعملون في عين لهم، فقال لي عليّ : يا أبا اليقظان، هل لك أن نأتي هؤلاء القوم، فننظر كيف يعملون؟ قال : قلت : إن شئتَ، فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة، ثمّ غَشِيَنا النوم، فانطلقتُ أنا وعليّ حتّى اضطجعنا في ظلّ صور من النخل، وفي دقعاء من التّراب فنمنا، فوالله ما أنبَهَنا إلّا رسول الله صلىاللهعليهوآله يحرّكنا يرجله، وقد تترّبنا من تلك الدقعاء التي نمنا فيها، فيومئذ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعليّ : «ما لَك يا أبا تراب؟» لِما يرى ممّا عليه من التراب. ثمّ قال : «ألا أحدّثكما بأشقى الناس (رجلَين)»؟ قلنا : بلىٰ يا رسول الله، قال : «أُحَيْمِر ثمود١، الذي عقر النّاقة، والّذي يضربك يا عليّ على هذه ـ ووضع يده على قرنه ـ حتّىٰ يَبلّ منها هذه»، وأخذ بلحيته.٢
وقال ابن عساكر بإسناده عن سماك حرب، قال : قلت لجابر بن عبد الله : إنّ هؤلاء القوم يَدعُونني إلى شتم عليّ بن أبي طالب عليهالسلام، قال : وما عَسَيتَ إنْ تشتمه به ؟! قال : اُكنّيه بأبي تراب ! قال : فواللهِ ما كانت لعليّ كنية أحبّ إليه من أبي تراب، إنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله آخىٰ بين النّاس ولم يؤاخِ بينه وبين أحد، فخرج مغضباً
_______________________
١ ـ أُحَيمر : تصغير أحمر، وهو لقب قدار بن سالف عاقر ناقة صالح عليهالسلام، الرياض النضرة ٢/١٠٦.
٢ ـ خصائص النّسائيّ ٢١١ ـ ٢١٥، وانظر : مسند أحمد بن حنبل ٢/١٨٢، ٨٠٢، ٥/٣٢٦، ٤/٢٦٣؛ حلية الأولياء ١/١٤١؛ التاريخ الطبريّ ٢/٤٠٩؛ البداية والنهاية ٣/٣٠٣؛ تاريخ البغداد ١/١٣٥؛ الرياض النضرة ٢/١٠٦؛ التاريخ الكبير ١/٧١؛ المعرفة والتاريخ ٣/١٤١؛ أعلام النبوّة لابي حاتم الرازيّ ٢١١؛ المعجم الكبير للطبرانيّ ٢/٢٤٧، رقم ٢٠٣٧؛ المناقب للخوارزميّ ٣٩؛ المناقب لابن المغازليّ ٩؛ المستدرك للحاكم ٣/١٥١.