خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوآله بوجهٍ مشرق، فقلنا : يا رسول الله، دخلتَ بوجه كئيب وخرجت بخلافة! فقال : كيف لا أفرح وقد أصلحت بين أحبّ أهل الأرض إليّ وإلى أهل السماء...
وقال الصدوق رحمه الله في جواب هذا الحديث : ليس هذا الخبر عندي بمعتمد، ولا هو لي بمعتقد في هذه العلّة، لأنّ عليّاً وفاطمة عليهماالسلام، ما كان ليقع بينهما كلام يحتاج رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى الإصلاح بينهما، لأنّه سيّد الوصيّين، وهي سيّدة العالمين، مقتديان بنبيّ الله صلىاللهعليهوآله في حُسن الخُلق.١
وفي بعض الأحاديث إيهام وقوع خصام بين أمير المؤمنين وابنة عمّه الطّاهرة الصدّيقة فاطمة، وهو أمر بعيد جدّاً عنهما بما منحهما الله تعالى من العصمة بنصّ الكتاب الكريم في آية التطهير، (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ)٢، فهي تدلّ على عصمة الخمسة، لأنّ الرّجس فيها كما نصّ عليه الزمخشريّ٣ وغيره هو «الذنوب» وقد تصدّرت الآية بأداة الحصر، فدلّت أنّ إرادة الله تعالى في حقّهم مقصورة على إذهاب الذّنوب كلّها عنهم، وهذا واقع العصمة.
وكيف يمكن لعاقل أن يصدّق وقوع نزاع ومخاصمة، علىٰ أمر دنيويّ بين رجلٍ هو أكمل المؤمنين إيماناً، وأزهد الزاهدين زهداً وورعاً، وهو سيّد المسلمين، وسيّد الوصيّين، وسيّد في الدّنيا والآخرة، وصالح المؤمنين، وإمام المتّقين، وزوجتِه الّتي هي سيّدة نساء العالمين، وسيّدة نساء أهل الجنّة، وأكمل
_______________________
١ ـ علل الشرائع ١ / ١٥٥.
٢ ـ الأحزاب / ٣٣.
٣ ـ تفسير الكشّاف ٣ / ٥٣٨؛ انظر : صحيح مسلم ٤ / ١٨٨٣ رقم ٢٤٢٥؛ السنن الكبرى للبيهقّي ٢ / ١٤٩؛ المستدرك للحاكم ٣ / ١٤٧؛ مسند أحمد بن حنبل ٤ / ١٠٧.