وعن سويد بن غفلة، قال : دخلتُ على عليّ عليهالسلام القصرَ، فوجدته جالساً وبين يديه إناءٌ فيه لبن أجد ريحه من شدّة حموضته، وفي يديه رغيف أرىٰ أقشار الشعير في وجهه، وهو يكسر بيده أحياناً، فإذا غلبه كسره بركبته وطرحه فيه.
فقال عليهالسلام : أُذنُ فأصِبْ من طعامنا هذا، فقلت : أنّي صائم، فقال عليهالسلام : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : من منعه الصيام من طعام يشتهيه كان حقّاً على الله أن يُطعمه من طعام الجنّة، ويسقيه من شرابها.
قال : فقلت لجاريته، وهي قائمة يقرب منه : وَيحَكِ يا فضّة، ألا تتّقين الله في هذا الشيخ! ألا تنحلون له طعاماً ممّا أرى فيه من النُّخالة؟ فقالت : لقد تقدّم إلينا أن لا ننخل له طعاماً. قال : فأخبرته. فقال : بأبي وأمّي من لم يُنخَل له طعام ولم يشبع من خبز البرّ ثلاثة حتّى قبضه الله عزّ وجلّ.١
وكان عليهالسلام يجعل جَريش الشعير في وعاء ويختم عليه، فقيل له في ذلك، فقال عليهالسلام : أخاف هذين الولدَين أن يجعلا فيه شيئاً من زيتٍ أو سَمن.٢
وقال كمال الدّين محمّد بن طلحة الشافعيّ : وقد نُقل عنه عليهالسلام أنّه قال وقد اجتمع حوله خلق كثير : اتّقوا الله، فما خلق الله أمراً عبثاً فيلهو، وما تَرك سُدًى فيلغو، ما دنياه الّتي تحسّنت له بخلف من الآخرة الّتي قبّحها سوء ظنّه عنده، وما المغرور بزخرفها الدنيء بناجٍ من عذاب ربّه عند مردّة إليه.
_______________________
النضرة ٢ / ٢١٠؛ مطالب السؤول ١٢٨؛ حلية الأولياء ١ / ٧١؛ أُسد الغابة ٤ / ٢٣؛ ذخائر العقبى ١٠٠؛ منهج الشيعة ٥٤؛ شرح المقاصد ٥ / ٣٠٠؛ فردوس الأخبار ٥ / ٤٠٩ رقم ٨٣١٨؛ مجمع الزوائد ٩ / ١٦١.
١ ـ المناقب للخواررزميّ ١١٩؛ فرائد السمطين ٢ / ٣٥٣؛ منهج الشيعة ٥٣؛ كشف الغمّة ١ / ١٦٣؛ إرشاد القلوب ٢ / ١٨.
٢ ـ منهج الشيعة ٥٤.