فكان من منزله هارون من موسى أنّه يشدّ أزره ويعاضده، ويحمل عنه أثقال بني إسرائيل بقدر ما تصل إليه يد مكنته واستطاعته، هذا من كونه وزيره. وأمّا كونه شريكه في أمره، فكان شريكه في النبوّة على ما نطق به القرآن الكريم، وكان قد استخلفه على بني إسرائيل عند توجّهه وسفره إلى المناجاة. فتلخيص منزلة هارون من موسى عليهالسلام أنّه كان أخاه ووزيره وعضده وشريكه في النبوّة وخليفته على قومه عند سفره، وقد جعل رسولُ الله صلىاللهعليهوآله عليّاً منه بهذه المنزلة وأثبتها له إلّا النبوّة، فإنّه صلىاللهعليهوآله استثناها في آخر الحديث بقوله : «غير أنّه لا نبيّ بعدي»، فبقي ما عدا النبوّة المستثناة ثابتاً لعليّ عليهالسلام من كونه أخاه ووزيره وعضده وخليفته على أهله عند سفره إلى تبوك. وهذه من المعارج الشراف ومدارج الإزلاف، فقد دلّ الحديث بمنطوقه ومفهومه على ثبوت هذه المزيّة العليّة لعليّ عليهالسلام، وهو حديث متّفق على صحّته.١
وقال أبو نعيم الإصبهانيّ بإسناده عن ابن عبّاس، قال : أخذ النّبيّ صلىاللهعليهوآله بيد عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ـ ونحن بمكّة ـ وبيدي وصلّى أربع ركعات، ثمّ رفع يده إلى السّماء، فقال : اللّهمّ، إنّ موسى بن عمران سألك، وأنا محمّد نبيُّك أسالك أن تشرح لي صدري، وتحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي عليّ بن أبي طالب أخي، أشدد به أزري، وأشركه في أمري. قال ابن عبّاس : فسمعت منادياً ينادي : يا أحمد، قد أوتيتَ ما سألت.٢
وقال : زين الدّين عليّ بن يوسف بن جبير : وثبت لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام جميع المنازل الّتي كانت لهارون من موسى عليهماالسلام إلّا ما استثناه من النبوّة
_______________________
١ ـ مطالب السؤول ٨٨ ـ ٩٠؛ الفصول المهمّة ٤٣ ـ ٤٤.
٢ ـ النور المشتعل ١٣٨ ـ ١٤١؛ انظر : المناقب لابن مغازليّ ٣٢ شواهد التنزيل ١ / ٤٧٨ ـ ٤٩٠.