المناسبات... وإلّا فإنّ الإحاطة بكنه أمير المؤمنين عليهالسلام لا تتأتّىٰ ؛ لأنّ أوعيتنا في المعرفة والإدراك أصغر كثيراً من وعائه العُلويّ، ونسبتها إليه كنسبة القطرة إلى المحيط، ومَن رام الدّخول في بحر عليّ عليهالسلام غرق في ساحله ولم يستطع أن يخطو نحو لجّته خطوات. إنّ ذلكم «الوجود» المعجزة لا يمكن أن يعرفه إلّا مَن هو فوقه أو من هو في رتبته ومنزلته عند الله.
وقد علَّمَنا هذا المعنىٰ رسولُ الله صلىاللهعليهوآله في قوله «يا عليّ، ما عرف الله حقّ معرفته غيري وغيرك، وما عرفك حقّ معرفتك غير الله وغيري»١، وتعلّمناه أيضاً من قول رسول الله صلىاللهعليهوآله الذي رواه ابن عبّاس : «لو أنّ الغياض أقلام، والبحر مداد، والجنّ حُسّاب، والإنس كُتّاب، ما أحصَوا فضائل عليّ بن أبي طالب»٢.
عن سعيد بن جبير قال : أتيت عبد الله بن عبّاس فقلت له : يا ابن عمّ رسول الله صلىاللهعليهوآله إنّي جئتك أسألك عن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام واختلاف النّاس فيه. فقال ابن عبّاس : يا ابن جبير، جئتني تسألني عن خير خلق الله من الأمّة بعد محمّد نبيّ الله، جئتني تسألني عن رجل كانت له ثلاثة آلاف منقبة في ليلة واحدة، وهي ليلة القربة. يا ابن جبير جئتني تسألني عن وصيّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ووزيره، وخليفته، وصاحب حوضه، ولوائه وشفاعته. والّذي نفس ابن عبّاس بيده لو كانت بحار الدّنيا مداداً، وأشجارها أقلاماً، وأهلها كتّاباً، فكتبوا مناقب عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وفضائله من يوم خلق الله عزّ وجلّ الدنيا إلى أن يفنيها ما بلغوا معشار ما آتاه الله تبارك وتعالى.٣
_______________________
١ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣١٠.
٢ ـ فضائل عليّ بن أبي طالب ٤؛ المناقب للخوارزميّ ١٣٢؛ كفاية الطالب ٢٢٠؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم ٢ / ١٠٧.
٣ ـ أمالي الصدوق ٤٩٩.