٨ ـ رعاية السجع والفاصلة نحو : خذوه فغلّوه ثم الجحيم صلّوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه. فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر ، الى غير ذلك مما لا يحسن فيه اعتبار التخصيص ، لأن المقام ينبو عنه ، كما بينه ابن الأثير في المثل السائر.
٩ ـ أن يكون المقدم محط الإنكار ، كما يقول : أبعد طول عشرة فلان تخدع بمواعيده. وعليه قول أبي العلاء :
أعندي وقد مارست كل خفية |
|
يصدّق واش أو يخيب سائل |
ويقدم بعض معمولات الفعل على بعض لأسباب ، منها :
(أ) أن التقديم هو الأصل ولا داعي للعدول عنه كتقديم الفاعل على المفعول ، نحو : كلم محمد عليا. وتقديم المفعول الأول على الثاني ، نحو : أعطيت محمدا درهما.
(ب) أن ذكره أهم والعناية به أتم ، فيقدم المفعول على الفاعل اذا كان الغرض معرفة وقوع الفعل على من وقع عليه لا وقوعه ممن وقع منه ، كما إذا عاث لص فاتك في البلاد وكثره أذاه فأمسك وأردت أن تخبر بذلك فتقول : أمسك اللص فلان ، إذ ليس للناس كبير فائدة في أن يعرفوا الممسك ، وإنما الذي يهمهم عمله هو من أمسك ليتخلصوا من شره.
ويقدم الفاعل اذا كان الغرض معرفة وقوع الفعل ممن وقع منه ، كما اذا كان شخص خامل الذكر لا يظن به أن يقوم بعمل جليل فاخترع شيئا مفيدا وأردت أن تخبر بذلك فتقول : اخترع فلان كذا. لأن الذي يهم الناس من شأن هذا الفعل استبعاد صدوره من ذلك الفاعل.
(ج) ان التأخير يوهم غير المعنى المراد كما في قوله تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ)(١) ، إذ لو أخر (مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) عما بعده لتوهم أنه متعلق بيكتم ، فلا يفيد أن ذلك الرجل منهم.
(د) أن التأخير يخل بتناسب الفواصل نحو : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى)(٢) ، بتقديم الجار والمجرور والمفعول على الفاعل إذ فواصل الآي على الألف.
__________________
(١) سورة غافر الآية ٢٨.
(٢) سورة طه الآية ٦٧.