أو مقام خطاب كقول الحماسية :
وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني |
|
وأشمت بي من كان فيك يلوم |
أو مقام غيبة ، ولا بد من تقدم ذكره إما لفظا نحو : (وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ)(١) ، وقول أبي تمام :
بيمن أبي إسحاق طالت يد العلا |
|
وقامت قناة الدين واشتد كاهله |
هو البحر من أي النواحي أتيته |
|
فلجّته المعروف والبحر ساحله |
وإما معنى لدلالة لفظ عليه ، نحو : (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ)(٢) لما في ارجعوا من معنى الرجوع ، أو لقرينة حال كقوله تعالى : (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ)(٣) ، أي ولأبوي الميت ، وإما حكما كما في باب رب نحو ربه فتي ، وباب ضمير الشأن نحو : (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)(٤).
والأصل في الخطاب أن يكون لمشاهد معين نحو : أنت استرققتني بإحسانك ، وقد يخاطب :
١ ـ غير المشاهد اذا كان مستحضرا في القلب كأنه نصب العين ، كما في : إياك نعبد.
٢ ـ غير المعين ليعم كل من يمكن خطابه على سبيل البدل لا على طريق التناول دفعة واحدة ، كما تقول : فلان لئيم إن أحسنت اليه أساء اليك ، فلا يراد في مثله مخاطب معين ، بل يراد أن سوء معاملته ، غير مختص بواحد دون آخر. وعليه قول المتنبي :
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته |
|
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا |
وقوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ)(٥) أخرج الكلام في صورة الخطاب ، مع إرادة العموم ، تنبيها الى تقطيع حالهم ،
__________________
(١) سورة يونس الآية ١٠٩.
(٢) سورة النور الآية ٢٨.
(٣) سورة النساء الآية ١١.
(٤) سورة يوسف الآية ٩٠.
(٥) سورة السجدة الآية ١٢.