٣ ـ تنبيه المخاطب الى خطئه ، كقول عبدة بن الطبيب ، من قصيدة يعظ فيها ابنه :
إن الذين ترونهم إخوانكم |
|
يشفي غليل صدورهم أن تصرعوا (١) |
٤ ـ زيادة تقرير الغرض المسوق له الكلام ، كقوله تعالى : (وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ)(٢) فالغرض الذي سيق له الكلام نزاهة يوسف عليهالسلام وبعده عن مظنة الريبة ، وهذا التعبير أوضح في الدلالة على هذا الغرض مما لو قيل امرأة العزيز أو زليخا أو نحو ذلك ، لأنه اذا امتنع عن الفحشاء ولم ينخدع مع كونه غلامها وفي بيتها مع كمال قدرتها عليه ، كان ذلك غاية النزاهة ونهاية الطهارة وعليه قول أبي العلاء المعري :
أعباد المسيح يخاف صحبي |
|
ونحن عبيد من خلق المسيحا (٣) |
فقوله : عبيد من خلق المسيح أدل على تقرير غرضه وهو نفي خوف أصحابه من قوله : عبيد الله.
٥ ـ الإيمان والإشارة الى نوع الخبر من مدح أو ذم أو عقاب أو غير ذلك فيتنبه الفطن من فاتحة الكلام الى خاتمته ، ويدرك ما تومىء اليه من المقاصد ، كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ)(٤) ففي مضمون الصلة وهو الاستكبار عن العبادة ، تلميح الى أن الخبر المترتب عليه من جنس الإذلال والعقوبة.
قال السكاكي : ثم يتفرع على هذا اعتبارات لطيفة ، فربما جعل ذريعة الى التعريض بالتعظيم لشأن الخبر كقولك : الذي يرافقك يستحق الإجلال ، والذي يفارقك يستحق الإذلال ، وعليه قول الفرزدق :
إن الذي سمك السماء بنى لنا بيتا |
|
دعائمه أعزّ وأطول (٥) |
__________________
(١) أن تصرعوا أي تهلكوا أي فمن تظنونهم إخوانكم يتمنون لكم الهلاك والدمار فأنتم مخطئون في هذا الظن.
(٢) سورة يوسف الآية ٢٣.
(٣) المراد ايخاف اصحاب المسلمون من عباد المسيح مع اننا عبيد الإله الذي خلق المسيح.
(٤) داخرين صاغرين (سورة المؤمن).
(٥) سمك رفع ، والبيت بيت العز والشرف قاله يفخر بقبيلته على قبيلة جرير.