٤ ـ وإما لكمال فطنته حتى كأن غير المحسوس عنده محسوس ، نحو :
تعاللت كي أشجى وما بك علة |
|
تريدين قتلي قد ظفرت بذلك (١) |
أي بقتلي ، وكان من حقه أن يقول به لكنه ادعى أن قتله قد ظهر ظهور المحسوس ، وإن كان المظهر غير اسم اشارة ، فإما :
(١) لزيادة تمكينه في ذهن السامع نحو : (اللهُ الصَّمَدُ)(٢) ، ونحو : (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ)(٣) ، وقول الحماسي :
شددنا شدة الليث |
|
غدا والليث غضبان |
(٢) وإما للاستعطاف والخضوع الموجبين للشفقة ، كقوله :
إلهي عبدك العاصي أتاكا |
|
مقرا بالذنوب وقد دعاكا |
(٣) وإما لادخال الروعة والمهابة في نفس السامع نحو : (فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ)(٤) ، لاندراج كل كمال تحت لفظ الجلالة فأجدر به أن يكون موضع النّكلان.
(٤) وإما للتهكم والتعجب ، نحو : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ، بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا)(٥) ، ثم قال بعد : (وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ)(٦) ، فالغرض شد النكير عليهم والتعريض بأنهم حقا أهل التمرد والعناد.
التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي للدلالة على تحقيق وقعه ، نحو : ونادى أصحاب النار ، فقد جعل المتوقع الذي لا بد من وقوعه بمنزلة الواقع ، ومثله التعبير عنه باسم الفاعل نحو : (وَإِنَّ الدِّينَ)(٧) لَواقِعٌ بدل يقع ، أو باسم المفعول ، نحو : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ)(٨) بدل يجمع.
__________________
(١) تعاللت : ادعيت العلة ، أشجى : أحزن.
(٢) سورة الإخلاص الآية ٢.
(٣) سورة الحاقة الآية ١.
(٤) سورة آل عمران الآية ١٥٩.
(٥ و ٦) سورة ص الآيات ١ و ٢ و ٤.
(٧) أي الجزاء حاصل ، فوقوع الجزاء استقبالي (سورة الذاريات).
(٨) سورة هود الآية ١٠٣.