(القلب) ، وهو جعل جزء من أجزاء الكلام مكان الآخر ، والآخر مكانه ، على وجه (١) يثبت حكم كل منهما للآخر ، وهو قسمان :
١ ـ ما يكون موجبه تصحيح حكم لفظي فقط والمعنى صحيح بدونه ، كقول القطامي :
قفي قبل التفرق يا ضباعا |
|
ولا يك موقف منك الوداعا (٢) |
لما نكر موقفا وهو في وضع المبتدأ وعرف الوداع وهو في موضع الخبر جعل من (باب القلب).
٢ ـ ما يكون موجبه تصحيح المعنى ، كقولهم : عرضت الناقة على الحوض ، وأدخلت القلنسوة في الرأس ، مكان : عرضت الحوض على الناقة ، وأدخلت الرأس في القلنسوة ، إذ الأصل أن يجاء بالمعروض الى المعروض اليه ، وأن ينقل المظروف الى الظرف لا بالعكس كما هنا.
والصحيح جوازه اذا اشتمل على مغزى شريف ومعنى حسن ، كقول رؤبة :
ومهمة مغبرة أرجاؤه |
|
كأن لون أرضه سماؤه (٣) |
يريد كأن لون سمائه لغبرتها لون أرضه ، فعكس التشبيه لقصد المبالغة ، ونحوه قول أبي تمام يصف قلم الممدوح :
لعاب الأفاعي القاتلات لعابه |
|
وأرى الجنى اشتارته أيد عواسل (٤) |
وإن لم يشتمل على اعتبار لطيف رد ، كقول عروة بن الورد :
(فديت بنفسه نفسي ومالي)
(التغلب) ، وهو إعطاء أحد المصطحبين أو المتشاكلين حكم الآخر ، وهو باب ذو شعب كثيرة ، فمن ذلك :
١ ـ تغليب المذكر على المؤنث ، نحو : وكانت من القانتين ، أدرجت مريم
__________________
(١) فان لم يثبت ذلك الحكم نحو : في الدار علي ، وكلم محمدا علي ، فان كلا منهما وإن جعل في مكان الآخر باق على حكمه ، لا يسمى ذلك قلبا.
(٢) قفي يا ضباعة ساعة حتى أودعك قبل التفرق فلا جعل الله لنا موقف الوداع موقفا.
(٣) المهمة المفازة ، والمغبرة المملوة بالغبار ، والأرجاء النواحي.
(٤) الأرى العسل ، واشتارته جنته ، والعواسل جمع عاسلة وهي جانية العسل.