(أ) عن سبب عام للحكم ، نحو :
قال لي كيف أنت قلت عليل |
|
سهر دائم وحزن طويل |
كأن المخاطب لما سمع قوله عليل ، قال ما سبب علتك ، فقال : سهر دائم وحزن طويل.
(ب) واما عن سبب خاص كقوله تعالى : (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ)(١) ، كأنه قيل : هل النفس أمارة بالسوء؟ فقيل : نعم إن النفس لأمارة بالسوء ، وهذا يقتضي تأكيد الحكم الذي في جملة الجواب ، كما سبق لك في أضرب الخبر ، وعليه قول الشاعر :
يرى البخيل سبيل المال واحدة |
|
إن الكريم يرى في ماله سبلا |
كأنه قيل : فماذا يرى الكريم من ماله ، فقيل : إن الكريم .. الخ.
(ج) وأما عن غيرهما كقوله تعالى : (فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ)(٢) كأنه قيل : فماذا قال إبراهيم عليهالسلام ، فقيل : (قالَ سَلامٌ) ، وعليه قوله :
زعم العواذل أنني في غمرة |
|
صدقوا ولكن غمرتي لا تنجلي (٣) |
إذ مساق الكلام في إظهار الشكوى من العذال ، وذلك مما يدعو السامع لأن يسأل : أصدقوا أم كذبوا ، فقيل : صدقوا.
وقد يحذف صدر الجواب ، اسما كان أو فعلا ، نحو : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ)(٤) فيمن قرأه بالبناء للمفعول ، كما قد يحذف الجواب كله ويقام ما يدل عليه مقامه كقول مساور بن هند يهجو بني أسد :
زعمتم أن إخوتكم قريش |
|
لهم إلف وليس لكم إلاف (٥) |
__________________
(١) سورة يوسف الآية ٥٣.
(٢) سورة الذاريات الآية ٢٥.
(٣) العواذل جمع عاذلة ، يراد هنا جماعة عاذلة بدليل قوله صدقوا ، والغمرة الشدة.
(٤) سورة النور الآية ٣٦.
(٥) إيلاف في الرحلتين المعروفتين لهم في التجارة رحلة في الشتاء الى اليمن ورحلة في الصيف الى الشام ، وبعده :
أولئك أومنوا جوعا وخوفا |
|
وقد جاعت بنو أسد وخافوا |