هنالك تناديه القلوب وتتسابق اليه الفرسان قائلة : لبيك لبيك ها نحن أولاء نحمي الذمار ، ونجير الجار ، ونجدل الأقران ، ونصرعهم في الميدان ، ونبيع النفوس رخيصة ونشتري بها المجد والسؤدد :
نبني كما كانت أوائلنا |
|
تبني ونفعل مثل ما فعلوا |
وإن دعا النفوس لمكرمة وهز العطف لمحمدة أمكنه أن يقول : كأنكم البحور يعمّ فيضها القاصي والداني وتطعم بأنعامها الفقير والغني.
أو يقول : هذه البحور على سواحلها القصاد تقذف أمواجها ما يفرج كربة البائس ويدفع الضر عن المعدم.
أو يقول : إني أرى مجدا مد سرادقه ، وندى ضربت خيامه.
إذ ذاك تسخو كف البخيل ويهتز عطف الكريم وتصبو النفوس لاكتساب المحامد ونيل المجد بالثمن الربيح.
موضوعه : اللفظ العربي ، من حيث التفاوت في وضوح الدلالة بعد رعاية مطابقته مقتضى الحال.
فائدته : ستعلم مما يلي أن مباحث البيان محصورة في المجاز على أنحائه ، أي انه بمعنى أعم يشمل الكناية ، وأن التشبيه إنما ذكر فيه لبناء الاستعارة عليه.
والمجاز ثروة كبيرة في اللغة من جهات عدة ، منها :
١ ـ الإكثار من الألفاظ وتعدد الوضع تفننا في التعبير كتسمية المطر بالسماء والنبات بالغيث ، على ما سيأتي.
٢ ـ التذرع الى الوضع فيما لم يوضع له لفظ من المحسوسات ، كقولهم : ساق الشجرة ، وإبط الوادي ، وعنق الابريق ، وذوابة الرحل (١).
٣ ـ التذرع الى الوضع لتمثيل صور المعاني ، كقولهم : نبض (٢) البرق ، سبح (٣) الفرس.
__________________
(١) الجلدة المعلقة على آخر الرحل.
(٢) لمع خفيفا ، أخذوه من نبض العرق.
(٣) مد يديه في الجري ، كما يفعل السابح.