٢ ـ دلالة اللفظ على بعض مسماه ، وتسمى : دلالة التضمن ، كدلالة البيت على السقف أو الحائط.
٣ ـ دلالة اللفظ على لازم معناه كدلالة الإنسان على كونه متحركا أو شاغلا لجهة ، أو نحو ذلك ، وشرطه اللزوم الذهني (١) (سواء أصاحبه لزوم خارجي ، أم لا) بحيث يلزم من حصول المعنى الموضوع له في الذهن حصول فيه إما على الفور ، أو بعد التأمل في القرائن والامارات ، لكن لا يشترط أن يكون اللزوم مما يثبته العقل (٢) ، بل يكفي أن يكون لعرف عام (٣) ، أو عرف خاص (٤) ، كاصطلاحات أرباب الصناعات والاصطلاحات الشرعية واللغوية.
والدلالة الأولى تسمى عند البيانين وضعية ، ويستحيل تفاوتها وضوحا وخفاء لأن السامع لشيء من الألفاظ الموضوعية ، إما أن يكون عالما بالوضع للمسمى أولا ، فإن كان الأول فإنه يعرفه بتمامه بلا زيادة ولا نقصان ، وإن كان الثاني فإنه لا يعرف منه شيئا أصلا.
والثانية والثالثة تسميان : عقليتين ، لأن دلالة اللفظ على الجزء ، واللازم مصدرها العقل الحاكم بأن حصول الكل مستلزم حصول الجزء ، ووجود الملزوم مستلزم وجود اللازم ، ويتأتى فيهما الاختلاف وضوحا وخفاء ، إذ اللوازم كثيرة بعضها قريب اللزوم يسبق الى الذهن فهمه بسرعة ، وبعضها بعيد ، فيصح اختلاف الطرق فيها ويكون بعضها أكمل من بعض في الإفادة.
وكذا يجوز أن يكون المعنى جزءا من شيء وجزءا من شيء آخر ، فدلالة الشيء الذي ذلك المعنى جزء منه على ذلك المعنى ، أوضح دلالة من الشيء الذي ذلك المعنى جزء من جزئه على ذلك المعنى.
__________________
(١) أي أنه لا يشترط باللزوم الخارجي أيضا ، ألا ترى أن العمى يدل على البصر التزاما إذ هو عدم البصر عما من شأنه أن يكون بصيرا مع التنافي بينهما في الخارج.
(٢) وهو اللزوم البين المعتبر عند المنطقيين وإلا لما تأتى الاختلاف بالوضوح في دلالة الالتزام ولخرج كثير من المعاني المجازية والكنائية ، لأنه ليس بينها وبين ملزوماتها مثل هذا اللزوم.
(٣) كلقاء الحبيب بالنسبة لاختلاج العين ، إذ كثير من الناس يعتقد أن اختلاج العين يبشر بلقاء الحبيب ، فاذا قلت لواحد : من هؤلاء عيني تختلج ، فهم من ذلك أنك ستلقى حبيبا.
(٤) كما اذا قلت : هذا قدوم ، على فهم السامع أنه نجار.