٢ ـ ما يصح تشبيه كل جزء من أجزاء أحد طرفيه بما يقابله من أجزاء الطرف الآخر ، غير أن الحالة تتغير ، كقول أبي الطيب الرقيّ :
وكأن أجرام النجوم لوامعا |
|
درر نثرن على بساط أزر |
فلو قيل : كأن النجوم درر وكأن السماء بساط أزرق ، كان تشبيها صحيحا ، ولكن أين هذا من ذاك الذي يملأ نفسك عجبا ، إذ يريك هيئة نجوم طالعة متألقة متفرقة في أديم سماء صافية الزرقة.
واما مختلفان ، وهو ضربان :
١ ـ أن يكون المشبه مفردا والمشبه به مركبا ، كقول الصنوبري :
وكأن محمر الشقيق |
|
إذا تصوّب أو تصعّد |
أعلام ياقوت نشر |
|
ن على رماح من زبرجد (١) |
فالمشبه هو الشقيق عند تصوبه (٢) وتصعده ، والمشبه به مركب ، وهو الصورة الحادثة من نشر أجرام حمر مبسوطة على رؤوس سيقان خضر مستطيلة.
٢ ـ أن يكون المشبه مركبا ، والمشبه به مفردا ، كقول أبي تمام يصف الربيع :
يا صاحبيّ تقصيا نظريكما |
|
تريا وجوه الأرض كيف تصور |
تريا نهارا مشمسا قد شابه |
|
زهر الربا فكأنما هو مقمر (٣) |
يريد أن النبات لشدة خضرته مع كثرته وتكاثفه ، صار لونه يميل الى السواد فنقص من ضوء الشمس حتى صار كأنه ليل مقمر.
فهو قد شبه النهار الذي خالطه زهر الربا (وهذا مركب) بالليل المقمر (وهذا مفرد مقيد بالصفة).
__________________
(١) محمر الشقيق ورد أحمر في وسطه سواد ، يقال له : شقائق النعمان.
(٢) فهو مفرد مقيد بالظرف ، لأن أوراق الشقائق إنما تكون على هيئة العلم اذا مالت الى السفل أو العلو.
(٣) تقصيت الشيء بلغت أقصاه ، وشابه خالطه ، والربا جمع ربوة وهي المكان المرتفع ، وخص زهر الربا لأنها أنضر وأشد خضرة ، وفي الكلام حذف مضاف أي لون زهر الربا.