ومن هذا النمط الأصبع في قولهم لراعي الإبل إن له عليها إصبعا ، أي أثرا حسنا ، كما قال الراعي يصف راعيا :
ضعيف العصا بادي العروق ترى له |
|
عليها إذا ما أجدب الناس إصبعا |
دلوا على أثر المهارة والحذق بالأصبع من قبل أنهما لا يظهران في عمل اليد إلا في حسن التصريف الأصابع وخفة رفعها ووضعها كما يظهر ذلك في الخط والنقش وغيرهما من دقائق الصناعات.
وعلاقات هذا المجاز كثيرة ، أشهرها :
١ ـ السببية ، وهي كون الشيء المنقول عنه سببا ومؤثرا في شيء آخر ، نحو : رعى جوادي المطر ، أي الكلأ ، الحادث بالغيث.
٢ ـ المسببية ، وهي كون المنقول عنه مسببا ومتأثرا من شيء آخر ، نحو : أمطرت السماء نباتا ، أي ماء ، به يوجد النبات ، وتناولت كأس الشفاء ، أي الدواء ، وعليه قوله تعالى : (وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً)(١) ، أي مطرا يسبب الرزق ، وقوله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)(٢) ، أي سلاح يحدث القوة والمنعة.
٣ ـ الكلية ، وهي كون الشيء متضمنا لشيء آخر ولغيره ، كالأصابع المستعملة في الأنامل في قوله تعالى : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ)(٣) ، أي رؤوس أناملهم ، ونحو : شربت ماء النيل ، أي بعضه ، والقرينة : شربت ، وسكنت مصر ، أي منزلا من منازلها ، والقرينة : سكنت.
٤ ـ الجزئية ، بمعنى أن الشيء يتضمنه وغيره شيء آخر كإطلاق العين على الربيئة (٤) لكونها هي المقصودة في كون الرجل ربيئة ، لأن ما عداها لا يعني شيئا مع فقدها ، فصارت كأنها الشخص كله ، ومن هذا قوله تعالى : (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً)(٥) أي صلّ ، وقوله تعالى : (لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً) أي لا تصلّ.
__________________
(١) سورة غافر الآية ١٣.
(٢) سورة الأنفال الآية ٦٠.
(٣) سورة البقرة الآية ١٩.
(٤) هو الشخص يطلع على عورات العدو في مكان عال ، وهو أيضا الجاسوس.
(٥) سورة المزمل الآية ٢.