شبه الدموع باللؤلؤ ، والعيون بالنرجس ، والخدود بالورد ، والأنامل بالعناب ، والأسنان بالبرد ، وقول الحريري :
فزحزحت شفقا غشّى سنا قمر |
|
وتساقطت لؤلؤا من خاتم عطر (١) |
فقد شبه الخمار بالشفق لحمرته والوجه بالقمر والكلام باللؤلؤ والفم بالخاتم.
٢ ـ مكنية ، وهي ما حذف فيها المشبه به ورمز اليه بشيء من لوازمه ، نحو (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ)(٢) ، شبه الذل بطائر بجامع الخضوع واستعير الطائر للذل ، ثم حذف ورمز اليه بشيء من لوازمه ، وهو الجناح ، على طريق الاستعارة بالكناية ، وإثبات الجناح للذل استعارة تخييلية ، وهي قرينة المكنية ، ويجعل الطائر مستعارا للمخاطب (أي للولد في معاملة والديه) والأصل واخفض لهما جناحك ذلا ، ونحوه قوله تعالى : (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(٣) ، وقول الكميت :
خفضت لهم مني جناحي |
|
الى كنف عطفاه أهل ومرحب |
ونحو (يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ)(٤) قال في «الكشاف» : ساغ استعمال النقض في إبطال العهد من حيث تسميتهم العهد بالحبل على سبيل الاستعارة لما فيه من إثبات الوصلة بين المتعاهدين ، وهذا من أسرار البلاغة ولطائفها أن يسكنوا عن ذكر الشيء المستعار ثم يرموزا اليه بذكر شيء من روادفه فينبهوا بتلك الرمزة على مكانه ، ونحوه قولك : شجاع يفترس أقرانه ، وعالم يغترف منه الناس ، فقد نبهت على الشجاع والعالم بأنهما أسد وبحر ، انتهى.
(تنبيه) علمت أن إثبات اللازم كالجناح للذل أو للمخاطب بلين الجانب للوالدين ، والمأمور أن يذل لهما ، وإثبات النقض للعهد يسمى استعارة تخييلية ، وهي قرينة الاستعارة المكنية ، وسمي ذلك الاثبات استعارة لأجل أن متعلقة وهو الأمر المختص بالمشبه به قد استعير ونقل عما يناسبه ، واستعمل مع ما شبه
__________________
(١) وقبله : سألتها حين زارت نضو برقعها القاني وإيداع سمعي أطيب الخبز ومساقطه الحديث أن يتكلم واحد ويسكت الآخر ، ثم يتكلم الساكت ، وهكذا دواليك.
(٢) سورة الإسراء الآية ٢٤.
(٣) سورة الشعراء الآية ٢١٥.
(٤) سورة البقرة الآية ٢٧.