فالحذف كقوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(١) ، إذ الأصل أهل القرية ، فالحكم الذي يجب للقرية في الأصل هو الجر فحذف المضاف وأعطى المضاف اليه إعرابه ، ونظيره (وَجاءَ رَبُّكَ) أي أمر ربك.
والحكم بالحذف يكون لأحد أمرين :
١ ـ لأمر يرجع الى غرض (٢) المتكلم ، نحو : سل القرية ، ألا ترى أنك لو قرأته أو سمعته في غير التنزيل لم تقطع بأن ها هنا محذوفا ، إذ من المحتمل أن يكون كلام رجل مرّ على قرية خربت وباد أهلها ، فأراد أن يقول مذكرا نفسه أو صاحبه على سبيل العظة والاعتبار : سل القرية عن أهلها وقل لها ما ذا صنعوا ، كما قال الرقاشي : سل الأرض من شق أنهارك وغرس أشجارك فإن لم تجبك حوارا أجابتك اعتبارا.
٢ ـ لأن الكلام لا يصح بدون المحذوف ، كما اذا حذف أحد جزأي الجملة ، نحو : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) *).
والزيادة كقوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(٣) ، أي ليس مثله شيء ، فإعراب مثله في الأصل النصب ، فلما زيدت الكاف سار جرا.
ونحوه : (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ)(٤). وقول لبيد :
الى الحول ثم اسم السّلام عليكما |
|
ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر |
يريد : ثم السّلام عليكما.
ومما تقدم تعلم أن الحذف والزيادة إذا لم يوجبا تغير الإعراب لا توصف الكلمة من أجلهما بالمجاز ، نحو : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ)(٥) ، إذ الأصل : أو كمثل ذوي صيب ، فحذف ذوي لدلالة يجعلون أصابعهم على هذا المحذوف ،
__________________
(١) سورة يوسف الآية ٨٢.
(٢) للجزم بأن المقصود من الآية سؤال أهل القرية للاستشهاد بهم فيجيبون بما يصدق أو يكذب لا سؤالها هي لأن الشاهد لا يكون جمادا ، ويحتمل أن تكون القرية مجازا عن أهلها من اطلاق اسم المحل على الحال فلا يكون مما نحن فيه.
(٣) سورة الشورى الآية ١١.
(٤) سورة الأنفال الآية ١٢.
(٥) سورة البقرة الآية ١٩.