أو أمر ونهي ، كقوله تعالى : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا)(١) ، وقوله تعالى : (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ)(٢).
ومن الطباق ما سماه بعضهم التدبيج من دبج الأرض زينها ، واصطلاحا أن يذكر في معنى كالمدح وغيره ألوان لقصد الكناية أو التورية.
فتدبيج الكناية كقول أبي تمام يرثي أبا نهشل محمد بن حميد :
تردى ثياب الموت حمرا فما أتى |
|
لها الليل إلا وهي من سندس خضر |
فقد كنى عن القتل بلبس الثياب الحمر وعن دخول الجنة بخضر السندس ، إذ هو من شعار أهلها ، وجمع بين الحمرة والخضرة على سبيل الطباق.
وتدبيج التورية كقول الحريري : فمذ ازورّ المحبوب الأصفر واغبر العيش الأخضر ، اسودّ يومي الأبيض وابيضّ فودي الأسود ، حتى رثى لي العدو الأزرق فيا حبذا الموت الأحمر ، فالمعنى القريب للمحبوب الأصفر إنسان ذو صفرة ، والبعيد الذهب ، وهو المراد هنا ، فيكون تورية ، وأما بقية العبارة فكناية (٣) ويلحق بالطباق شيئان أحدهما ما يسمى : إيهام التضاد ، وهو الجمع بين معنيين غير متقابلين ، معبرا عنهما بلفظين متقابلين ، كقول دعبل الخزاعي :
لا تعجبي يا سلم من رجل |
|
ضحك المشيب برأسه فبكى |
فإن ضحك بمعنى ظهر ، وبكى بمعناه الحقيقي.
وثانيهما : الجمع بين معنيين يتعلق أحدهما بما يقابل الآخر نوع تعلق كالسببية واللزوم ، كقوله تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ)(٤) فإن ابتغاء الفضل يستلزم الحركة المضادة للسكون (٥).
__________________
(١) سورة الكهف الآية ٢٢.
(٢) سورة المائدة الآية ٤٤.
(٣) اخضرار العيش كناية عن طيبه ونعومته ، والاغبرار عن ضيقه ، والفودان شعر جانبي الرأس مما يلي الأذنين.
(٤) سورة القصص الآية ٧٣.
(٥) وإنما عدل عن الحركة الى ابتغاء الفضل من قبل أن الحركة ضربان : حركة لمصلحة وحركة لمفسدة ، والمراد الأولى لا الثانية.