(١) اسمية وتفيد بأصل وضعها ثبوت الحكم فحسب ، بلا نظر الى تجدد ولا استمرار ، فلا يستفاد من قولنا : علي مسافر ، سوى ثبوت السفر فعلا لعلي دون نظر الى تجدد ولا حدوث ، فالمعنى فيه شبيه بالمعنى في قولنا : محمد طويل ومحمود قصير ، فكما لا يقصدها هنا الى أن يجعل الطول والقصر يتجدد ويحدث ، بل يقصد إيجابهما وثبوتهما فقط ، كذلك لا يتعرض في قولنا : علي مسافر لأكثر من إثبات السفر فعلا لعلي.
ولكن قد تحف بها قرائن أخرى تستفاد من سياق الكلام ، كأن يكون في معرض مدح أو ذم أو حكمة ، أو نحو ذلك ، فتفيد الدوام والاستمرار حينئذ ، وعليه قول النضر بن جويرية يتمدح بالغنى والكرم :
لا يألف الدرهم المضروب صرّتنا |
|
لكن يمر عليها وهو منطلق (١) |
فهو يريد أن دراهمهم دائمة الانطلاق تمرق من الكيس مروق السهام من قسيها لتوزع على المعوزين وأرباب الحاجات ، كما يرشد الى ذلك ما قبله :
إنا إذا اجتمعت يوما دراهمنا |
|
ظلت الى طرق المعروف تستبق |
ونظيره قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)(٢) ، فسياق الحديث في معرض المدح دال على إفادة الاستمرار والدوام.
(٢) فعلية ، وتدل بأصل وضعها على التجدد في زمن معين مع الاختصار ، فلا يستفاد من نحو : طلعت الشمس ، إلا إثبات الطلوع فعلا للشمس في زمن مضى.
تفسير هذا أن الفعل يدل على أحد الأزمنة الثلاثة بذاته لا بقرينة (٣) خارجة عنه ، وهذا الزمن الذي هو أحد مدلوليه (مدلوله الثاني الحدث) لا تجتمع أجزاؤه في الخارج ، بل تتصرم وتنقضي شيئا فشيئا ، ومن ثم كان الفعل مع إفادته الزمن يفيد أيضا تجدد الحدث وحصوله بعد أن لم يكن ، بخلاف الاسم ، فإنه إنما يدل على الزمن المعين بقرينة أخرى ، كأن يقال : أمس أو الآن أو غدا.
__________________
(١) الصرة كيس الدراهم.
(٢) سورة القلم.
(٣) أما احتياج الفعل المضارع الى قرينة في تعيين الحال أو الاستقبال فهو تعيين للمراد لا تعيين للزمن لأنه دال عليه بالوضع.