وفي الحقيقة الرّجوع الى ذلك الشّخص أيضا نوع من النّظر والاجتهاد كما أشرنا إليه مرارا ، ثمّ إذا آل الأمر بعد زوال الاطمئنان أو في أوّل الأمر الى الرّجوع الى النّظر أو الاعتماد على شخص كامل فحينئذ ينقسم النّظر الى قسمين.
وكذلك الاعتماد على ذلك الشّخص ، إذ النّظر قد يفيد القطع ، وقد يفيد الظنّ.
وكذلك الرّجوع الى شخص ، فإنّ من تردّد أمره بين صيرورته يهوديّا أو مسلما أو إماميّا أو مخالفا ، فقد يحصل له بسبب الاعتماد على عالم الاطمئنان الذي يحسبه قطعا وجزما ، وإن أمكن في نفس الأمر زواله بتشكيك المشكّك ، وكذلك بسبب الأدلّة التي ينظر فيها. وقد يحصل له ظنّ بصحة الإسلام أو التّشيّع ولا يحصل له القطع ، فحينئذ ، فهل يجب عليه تجديد النّظر وتكريره ليحصل له القطع والاطمئنان أو التّفحّص عن الأعلم والأفضل الذي تطمئنّ به النّفس ، أو يكفي الاكتفاء بالظنّ.
والظّاهر أنّه لا يجوز فيه الاكتفاء بالظنّ مهما أمكن النّظر والاجتهاد واحتمل حصول القطع لعدم زوال الخوف.
وحال هذا الشّخص كحالنا في المسائل الفقهيّة ، إذ كثيرا ما يحصل لنا الظنّ في بادئ النّظر في المسألة قبل الخوض التّامّ في الأدلّة بأحد طرفي المسألة ، ولا نعمل به لعدم حصول الاطمئنان وزوال الخوف عن المؤاخذة بمجرّد ذلك ، ولكن إذا استفرغنا الوسع وأحسسنا العجز عن المزيد عليه ، فنكتفي حينئذ بظنّنا ، فنقول فيما نحن فيه : إذا عجز عن النّظر فوق ما أعمله وأحسّ [وأحسن] من نفسه العجز عن تحصيل العلم ، فتكليفه بتحصيل العلم أيضا تكليف بما لا يطاق ،
فإذا اتّفق لناظر في مسألة النّبوّة أو الإمامة بعد التّخلية وبذل الجهد التّامّ ، ظنّ بأحد الطّرفين ولم يمكن تحصيل القطع ، فالظّاهر أنّه يكفيه حينئذ الظنّ ، ولا يجب تحصيل اليقين.