وثانيا : أنّ ما ورد في هذا المعنى أخبار آحاد لا يوجب العلم بحال هؤلاء ، بل إنّما يوجب الظنّ ، فكيف يفيد ذلك العلم بقطعيّة أخبارهم.
وثالثا : على تقدير إفادتها القطع بأنّ هؤلاء كما ذكرهم عليهالسلام ، [لكن] وثاقة الرّجل وأمانته إنّما يمنع من تعمّد الكذب ، ولا يمنع عن الخطأ والسّهو.
وكذلك الأمر بالمتابعة لا يوجب قطعيّة ما يروونه ، غاية الأمر أنّه يفيد وجوب العمل بفتواهم ، وأين هو من قطعيّة ما يروونه.
ومنها : وجوده في «الفقيه» و «الكافي» وأحد كتابي الشّيخ لاجتماع شهادتهم على صحّة أحاديث كتبهم أو على أنّها مأخوذة من الأصول المجمع على صحّتها. وذلك لأنّ الصّدوق قال في أوّل «الفقيه» (١) : «إنّي لا أورد في هذا الكتاب إلّا ما أفتي به وأحكم بصحّته ، وهو حجّة بيني وبين ربّي».
وقال الكليني رحمهالله في أوّل «الكافي» (٢) مخاطبا لمن سأله تصنيفه : وقلت : إنّك تحبّ أن يكون عندك كتاب كان يجمع من جميع فنون علم الدّين ما يكتفي به المتعلّم ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدّين والعمل به بالآثار الصّحيحة عن الصادقين عليهما الصلاة والسلام. الى أن قال : وقد يسّر الله وله الحمد تأليف ما سألت ، وأرجو أن يكون بحيث توخّيت.
والشيخ رحمهالله قال في «العدّة» (٣) : «إنّ ما عملت به من الأخبار فهو صحيح».
وفيه : أنّه لا يدلّ على تصحيح هؤلاء للحديث على أن يكون قطعيّا ، كما ترى
__________________
(١) «من لا يحضره الفقيه» : ١ / ٣.
(٢) ١ / ٨
(٣) وكذا نقله عنه أيضا في «الوافية» ص ٢٦٥.