الشّك الثّاني
[ما نقل من أن علماءنا كانوا يعملون بكل ما حصل لهم الظنّ بأنّه مراد المعصومعليهالسلام] ما نقل عن بعض الفضلاء من أنّ الاستقراء وتتبّع سير السّلف يكشفان عن أنّ علماءنا كانوا يعملون بكلّ ما حصل لهم الظنّ بأنّه مراد المعصوم عليهالسلام ، وإن كان من رواية ضعيفة أو غيرها ، فلا حاجة الى معرفة حال الرّواة ، بل المتّبع إنّما هو الظنّ.
وقد أجيب : بمنع ذلك كما يشهد به ملاحظة حال السّيد وابن إدريس وغيرهما ، وعملهم ببعض الأخبار الضّعيفة لعلّه لكونه محفوفا بالقرائن القطعيّة عندهم.
وكيف يجوز العمل بالظنّ من حيث إنّه ظنّ وقد يكون منشؤه الهواء أو العصبيّة أو الحسد ، فيحصل الهرج والمرج في الدّين لعدم الانضباط ، فيجب أن يكون ما يعمل به ظنّا مضبوطا كظاهر الكتاب والحديث مطلقة أو الصّحيح منه.
والتّحقيق ، أنّ هذا الاستقراء صحيح بالنّسبة الى طريقة أكثر علمائنا لا يحسن إنكاره ، والسّيد رحمهالله وابن إدريس رحمهالله وأمثالهما إنّما كانوا يمنعون عن العمل بخبر الواحد ، لا مطلق ما يحصل به الظنّ بمراد المعصوم عليهالسلام.
نعم ، لا يجوز العمل بمثل القياس والاستحسان ونحوهما ، ولم يظهر من المشكّك ذلك أيضا ، ولكنّ هذا لا يستلزم عدم الاحتياج الى علم الرّجال ، إذ معرفة حال الرّجال والعلم بثقته ممّا يحصل به الظنّ.
ومن الأسباب الموجبة له ، فهو لا ينافي العمل بمطلق الظنّ فإذا حصل من كون الرّجل ثقة ، الظنّ بمراد المعصوم عليهالسلام وفرض عدمه لو لم يكن ثقة ، فكيف يقال بعدم مدخليّة ذلك في الظنّ ، وهو إنّما يحصل من علم الرّجال.
لا يقال : إنّ الواجب هو متابعة ما حصل لنا من الظنّ ولا يجب علينا الفحص من أمارات الظنّ ، لأنّا نقول : نحن مكلّفون بالظنّ بعد استفراغ الوسع ، والظنّ بعد الاستفراغ إنّما يحصل بعد الاستفراغ فيما له مدخليّة في حصول الظنّ وعدمه.