الصّورة المفروضة ، فإنّ الرّأي إنّما هو جواز التّزويج أو عدم جوازه ، لا جواز فسخ التّزويج الحاصل على النّهج المشروع المكلّف به حينئذ وعدمه ، وترتّب الفسخ وعدمه على جواز العقد وعدمه يحتاج الى دليل.
والحاصل ، أنّ جواز نقض الفتوى بالفتوى في أمثال العقود والإيقاعات بعد وقوعها مطلقا مشكل ، ولم يظهر عليه دليل.
وما يظهر من دعوى الاتّفاق من كلام بعضهم فيما لو تغيّر رأي المجتهد في المعاملة التي حلّلها أوّلا وبنى عليها لنفسها وحرّمها ، فهو ممنوع ، مع أنّ دعوى الإجماع على المسائل التي لم تثبت تداولها في زمان الأئمة عليهمالسلام بعيدة لا يعبأ بها ، ولو فرض أن نقول بإمكانه. وقلنا : بأنّه إجماع منقول ، فهو لا يقاوم ما ذكرناها من الأدلّة. ولو سلّمناه فإنّما نسلّم في مورده ، وهو ما لو تغيّر رأي المجتهد وكان الواقعة مختصّة به ، وسيجيء كلام المحقّق الأردبيلي رحمهالله في عدم جواز نقض الفتوى بتغيير الاجتهاد.
وإن قلنا : بنقضها ، فلا بدّ أن نقول ببطلان المهر المسمّى مثلا ، ولزوم مهر المثل وعدم استحقاق الإنفاق ، وجواز الرّجوع الى ما أنفقه ، وغير ذلك ، إذ المذكورات من توابع العقد الصّحيح ، والمفروض انتقاضه.
ولو قلنا : بصحّته الى الحين ونقضه من حين التّغيير ، وأنّ المراد جواز العمل بالرّأي الثّاني من حين التّغيير لا إبطال العمل بالرّأي الأوّل من رأس ، فمع أنّه ليس بنقض حقيقي ، بل ليس بتغيير رأي حقيقة في هذه المادّة الخاصّة كما أشرنا سابقا ، لأنّه ليس حكما بتحريم العقد مثلا بعد الحكم بحلّه ، بل هو حكم بحرمة الاستدامة بعد الحكم بحلّه ، المستلزم لحلّ استدامته ، فلا بدّ من القول بلزوم الإطلاق والتزام توابع العقد الصّحيح ، إذ ذلك الانفساخ من باب الارتداد لا من باب ثبوت الرّضاع