المكان الذي فيه الماء على الينابيع التي تخرج من الأرض.
ثم اعلم انه لا وجه هنا بناء على المشهور لاعتبار استواء السطوح في عدم الانفعال بالملاقاة كما سيأتي في الكثير من الراكد ، لكن يتجه ـ على قول العلامة باعتبار ذلك في كثير الراكد عند ملاقاة النجاسة ، بناء على ما صرح به في التذكرة كما سيأتي ذكره ان شاء الله تعالى ـ اعتبار ذلك هنا أيضا في مقدار الكر من الجاري ، لقوله بانفعاله بالملاقاة. لكنه (رحمهالله) في جملة من كتبه أطلق القول عند تغير البعض من الجاري باختصاص النجاسة بالمتغير دون ما فوقه وما تحته تساوت سطوحه أو اختلفت وهو لا يخلو من تدافع. الا ان يقال : ان إجماله في الكلام هنا احالة على ما علم تفصيله بالتأمل في مقتضى قواعده المقررة في تلك المسألة (١).
واعتذر عنه بعض محققي متأخري المتأخرين بان عدم تعرضه هنا لذلك كأنه يرى للجاري خصوصية عن الواقف في الجملة وان شاركه في انفعال قليله بالملاقاة ، ولعل الخصوصية كون الغالب فيه عدم الاستواء ، فلو اعتبرت المساواة على حد ما ذكره في الواقف ، للزم الحكم بتنجيس الأنهار العظيمة بملاقاة النجاسة أوائلها التي لا تبلغ مقدار الكر ولو بضميمة ما فوقها ، وذلك معلوم الانتفاء.
__________________
(١) قال في القواعد : «ولو تغير بعضه بها نجس دون ما قبله وما بعده». وقال الشيخ علي (ره) في شرحه بعد كلام في المقام : «وإطلاق عبارة المصنف تخرج على مذهب الأصحاب لا على اشتراط الكرية في الجاري ، وهكذا صنع في غير ذلك من مسائل الجاري» انتهى. وقال في التذكرة : «لو تغير الجاري اختص المتغير منه بالتنجيس وكان غيره طاهرا ، ثم قال : الثاني ـ لو كان الجاري أقل من كر نجس بالملاقاة للملاقي وما تحته وفي أحد قولي الشافعي انه لا ينجس إلا بالتغير» انتهى. فانظر الى هذا الاختلاف. ويحتمل ان يكون إطلاقه في جميع هذه الموارد محمولا على الجاري الذي هو كر فصاعدا وان الباقي بعد التغير لو تغير بعضه كر فصاعدا. والله العالم (منه رحمهالله).