المقدمة الثانية عشرة
في الإشارة إلى نبذة من الكلام في أحوال المجتهدين من أصحابنا والأخباريين. وبها تختتم ما أردنا إيراده من المقدمات وقصدنا إحرازه من المتممات ، تيمنا بهذا العدد الشريف وتبركا بهذا العقد المنيف ، اعلم انه قد كثرت الأسئلة من جملة من الطلبة عن الفرق بين المجتهد والاخباري وأكثر المسئولون من وجوه الفروق ، حتى أنهاها ـ شيخنا المحدث الصالح الشيخ عبد الله ابن صالح البحراني (نور الله مرقده) في كتاب منية الممارسين في أجوبة مسائل الشيخ ياسين ـ إلى ثلاثة وأربعين.
وقد كنت في أول الأمر ممن ينتصر لمذهب الأخباريين ، وقد أكثرت البحث فيه مع بعض المجتهدين من مشايخنا المعاصرين ، وأودعت كتابي الموسوم بالمسائل الشيرازية مقالة مبسوطة مشتملة على جملة من الأبحاث الشافعية والاخبار الكافية تدل على ذلك وتؤيد ما هنالك.
إلا ان الذي ظهر لي ـ بعد إعطاء التأمل حقه في المقام وإمعان النظر في كلام علمائنا الأعلام ـ هو إغماض النظر عن هذا الباب وإرخاء الستر دونه والحجاب ، وان كان قد فتحه أقوام وأوسعوا فيه دائرة النقض والإبرام.
(أما أولا) ـ فلاستلزامه القدح في علماء الطرفين والإزراء بفضلاء الجانبين كما قد طعن به كل من علماء الطرفين على الآخر ، بل ربما انجر الى القدح في الدين سيما من الخصوم المعاندين ، كما شنع به عليهم الشيعة من انقسام مذهبهم الى المذاهب الأربعة ، بل شنع به كل منهم على الآخر ايضا.
(واما ثانيا) ـ فلأن ما ذكروه في وجوه الفرق بينهما جله بل كله عند التأمل لا يثمر فرقا في المقام ، فان من أظهر ما اعتمدوه فرقا في المقام هو كون الأدلة عند