و (اما ثانيا) فلانه لا خلاف بين كافة الناس في ان إطلاق الماء لا يشمل هذه المياه ، بخلاف ماء البئر وماء السماء ونحوهما ، وما ذاك إلا لخروج تلك المياه عن الإطلاق دون هذه.
و (اما ثالثا) ـ فلأنه كما ان الماء المطلق بإضافته إلى مثل الزعفران يخرج عن الإطلاق لاكتسابه اجزاء منه ، كذلك ما تكونت منه تلك الثمار قد استحال عن حقيقته الاولى وخرج عنها إلى حقيقة أخرى ، وإلا لكان البول اولى بعدم الخروج عن إطلاق الماء ، لانه لم يكتسب بعد شربه إلا المرور على تلك المجاري الباطنة وان اكتسب عفونة ونتنا باللبث فيها آنا ، مع انه لا يسمى ماء بالكلية فضلا عن ان يكون مطلقا. وما ذاك إلا لخروجه عن حقيقة الماء بالكلية بسبب تغير طبعه وانقلاب حقيقته إلى حقيقة أخرى ، مع ان أصله الماء بل بقاء المائية فيه أظهر. وما نحن فيه كذلك ايضا.
و (اما رابعا) ـ فلان الصدوق (رضوان الله عليه) ليس معصوما يجب الاقتداء به ، ومخالفة هذا القائل (قدسسره) له ـ وكذا غيره من الأخباريين في جملة من المسائل ـ أكثر من ان يحصى. على ان كلامه في الفقيه نقل لمتن الخبر ، فهو قابل للاحتمال ايضا. وضمانه صحة ما يرويه في الكتاب المذكور لا تأييد فيه ، لانه يكفينا في المقام تأويل الخبر بأحد الوجوه التي ذكرها شيخنا الطوسي (طيب الله مرقده) من غير ضرورة الى رده وطرحه رأسا لينافي ضمانه المذكور.
و (اما خامسا) ـ فلما ذكره في كتاب الفقه الرضوي ، حيث قال (عليهالسلام) (١) : «كل ماء مضاف أو مضاف اليه فلا يجوز التطهير به ويجوز شربه ، مثل ماء الورد وماء القرع وماء الزعفران وماء الخلوق وغيره مما يشبهها ، وكل ذلك لا يجوز استعماله إلا الماء القراح والتراب». انتهى. وقد قدمنا لك في تتمة المقدمة الثانية (٢)
__________________
(١) في الصحيفة ٥.
(٢) في الصحيفة ٢٥.