وأجاب العلامة في المختلف بان المراد بالآية ـ على ما ورد به التفسير ـ لا تلبسها على معصية ولا على غدر ، فان الغادر الفاجر يسمى دنس الثياب. سلمنا ان المراد بالطهارة المتعارف شرعا ، لكن لا دلالة فيه على ان الطهارة بأي شيء تحصل ، بل دلالتها على ما قلناه من ان الطهارة إنما تحصل بالماء أولى ، لأن مع الغسل بالماء يحصل الامتثال قطعا ، وليس كذلك لو غسلت بغيره. وقوله : النجاسة قد زالت حسا. قلنا : لا يلزم من زوالها في الحس زوالها شرعا ، فان الثوب لو يبس بلله بالماء النجس أو البول لم يطهر وان زالت النجاسة عنه ، مع انه (رحمهالله) أجاب ـ حين سئل عن معنى نجس العين ونجس الحكم ـ بأن الأعيان ليست نجسة ، لأنها عبارة عن جواهر مركبة وهي متماثلة فلو نجس بعضها لنجس سائرها وانتفى الفرق بين الخنزير وغيره ، وقد علم خلافه ، وإنما التنجيس حكم شرعي ، ولا يقال نجس العين إلا على المجاز دون الحقيقة ، وإذا كانت النجاسة حكما شرعيا لم تزل عن المحل إلا بحكم شرعي ، فحكمه (رحمهالله) بزوالها عن المحل بزوالها حسا ممنوع. انتهى.
وأجاب المحقق (رحمهالله) عن الآية (١) بمنع دلالتها على موضع النزاع ، لأنها دالة على وجوب التطهير ، والبحث ليس فيه بل في كيفية الإزالة ، ثم اعترض على نفسه ـ أولا ـ بأن الطهارة إزالة النجاسة كيف كان. وأجاب بأن هذا أول المسألة. واعترض ـ ثانيا ـ بان الغسل بغير الماء يزيل عين النجاسة فيكون طهارة. وأجاب ـ أولا ـ بالمنع فإن النجاسة إذا مازجت المائع شاعت فيه. والباقي في الثوب منه تعلق به حصة من النجاسة ، ولأن النجاسة ربما سرت في الثوب فسدت مسامه فتمنع غير الماء من الولوج حيث هي ، وتبقى مرتكبة في محلها. ثم سلم زوال عين النجاسة ـ ثانيا ـ وقال : لكن لا نسلم زوال نجاسة تخلفها ، فإن المائع بملاقاة النجاسة يصير عين نجاسة ، فالبلة المتخلفة
__________________
(١) هذا الجواب نقله عنه في المعالم ، والظاهر انه منقول من بعض أجوبته في المسائل وإلا فهو ليس في كتاب المعتبر مما حضرني من نسخته (منه رحمهالله).