الطهارة الثابت بالأصل ، وهو خلاف القواعد الشرعية المتفق عليها (١) فلا بد من الخروج عن ظاهره الى الحمل على الكراهة ومرجوحية الاستعمال. إلا انه يمكن تطرق النظر الى هذا الوجه أيضا بأن يقال : ان هذا مخصوص بصورة الشك بوجود الجنب ، والخروج فيه ـ عن الظاهر باعتبار ما ذكر من المعارض ـ متجه. لكن يبقى الكلام في صورة العلم بوجود الجنب ، كما هو أحد الأمرين المذكورين في الخبر ، والخروج عن الظاهر ثمة لمعارض لا يستلزم الخروج عنه فيما لا معارض فيه ، غاية الأمر أنه يراد من الخبر الحقيقة والمجاز باعتبارين ، ولا نكير فيه.
وما أجاب به في المعالم عن ذلك ـ حيث قال : «ان هذا تكلف ، والتعلق بهذا التكلف إنما يتوجه لو كانت الرواية ظاهرة في المدعى من غير هذا الوجه. والأمر على خلاف ذلك.
(اما أولا) ـ فلان عدم الاغتسال من ماء الحمام مع مباشرة الجنب له إنما أفاده فيها استثناؤه من النهي عن الاغتسال بماء آخر ، وهو أعم من الأمر به ، إذ يكفي في رفع النهي الإباحة.
و (اما ثانيا) ـ فلان الاغتسال فيها مطلق بحيث يصلح لإرادة رفع الحدث وازالة الخبث ، وستعلم ان المانعين من رفع الحدث به قائلون بجواز استعماله في إزالة الخبث ، فلا بد من التأويل بالنظر اليه ، فتضعف الدلالة ، ويشكل الخروج عن ظواهر العمومات بمجرد ذلك» انتهى ـ مخدوش بوجهيه.
__________________
(١) فإنه تضمن المنع من استعمال ماء الحمام إذا كثر الناس فيه واحتمل وجود الجنب فيهم ، والاتفاق واقع على ان الشك في حصول المقتضى واحتماله غير موجب للمنع فلا بد من صرفه عن ظاهره. ومما يدل ايضا من الاخبار على ما ذكرنا في خصوص هذا المقام مضمرة أبي الحسن الهاشمي قال سئل عن الرجال يقومون على الحوض في الحمام لا أعرف اليهودي من النصراني ولا الجنب من غير الجنب؟ قال : تغتسل منه ولا تغتسل من ماء آخر ، فإنه طهور (منه قدسسره).