و (اما الثاني) فلما صرح به جم غفير من أصحابنا ـ متقدميهم ومتأخريهم ـ ولا سيما هذا القائل نفسه في كتاب المعتبر وكذا في كتابه في الأصول ، بل الظاهر انه إجماعي كما ادعاه غير واحد منهم ، من حجية خبر الواحد والاعتماد عليه ، وعلى ذلك يدل من الاخبار ما يضيق عن نشره نطاق البيان ، وما سبق الى بعض الأوهام ـ من تناقض كلامي الشيخ في العمل بخبر الواحد ودعوى المرتضى الإجماع على عدم جواز العمل به ـ فهو توهم بارد وخيال شارد نشأ عن قصور التتبع لكلامهم والتطلع في نقضهم وإبرامهم ، لدلالة كلام الشيخ (رضوان الله عليه) في غير موضع من كتبه على صحة أخبارنا وتواترها عن الأئمة المعصومين (صلوات الله عليهم) ، وان المراد بالخبر الواحد الممنوع من جواز التعبد به هو ما كان من طريق المخالفين مما لم تشتمل عليه أصولنا التي عليها معتمد شريعتنا قديما وحديثا. ولتصريح المرتضى (رضياللهعنه) على ما نقله عنه جمع : منهم صاحب المعالم ، من أن أكثر أخبارنا المروية في كتبنا معلومة مقطوع على صحتها اما بالتواتر أو بأمارة وعلامة دلت على صحتها وصدق رواتها فهي موجبة للعلم مقتضية للقطع وان وجدناها مودعة في الكتب بسند مخصوص من طريق الآحاد. انتهى. وحينئذ فيرجع كلامه الى كلام الشيخ في معنى الخبر الواحد الممنوع من جواز التعبد به ، وقد مضى في المقدمة الثانية ما فيه مقنع للبيب ومرجع للموفق المصيب.
و (ثالثها) ـ ما أجاب به عن الدليل الثاني من الاستناد إلى حجية البراءة الأصلية في المقام. وفيه ما تقدم نقله عنه (قدسسره) في المعتبر. من ان الاعتماد على البراءة الأصلية إنما يتجه فيما يعلم انه لو كان هناك دليل لعثر عليه ، اما لا مع ذلك فإنه يجب التوقف. والدليل في الجملة هنا موجود. ووجود المعارض لا يخرجه عن كونه دليلا. ولو عورض بمرجوحيته في مقابلة المعارض فلا يصلح للدلالة ، فالدليل العام