وهو أعلم بها ، ولا يمكن ان يقال : مقتضى المصلحة موافقة البراءة الأصلية ، فإنه رجم بالغيب وجرأة بلا ريب.
ومن هذا القسم ايضا ما تعارضت فيه الاخبار على وجه يتعذر الترجيح بينها بالمرجحات المنصوصة ، فإن مقتضى الاحتياط التوقف عن الحكم ووجوب الإتيان بالفعل متى كان مقتضى الاحتياط ذلك.
(فان قيل) : ان الأخبار في الصورة المذكورة قد دل بعضها على الإرجاء وبعضها على العمل من باب التسليم (قلنا) : هذا ايضا من ذلك ، فان التعارض المذكور ـ مع عدم ظهور مرجح لأحد الطرفين ولا وجه يمكن الجمع به في البين ـ مما يوجب دخول الحكم المذكور في المتشابهات المأمور فيها بالاحتياط ، وسيأتي ما فيه مزيد بيان لذلك.
ومن هذا القسم ايضا ما لم يرد فيه نص من الأحكام التي لا تعم بها البلوى عند من لم يعتمد على البراءة الأصلية ، فإن الحكم فيه ما ذكر كما سلف بيانه في مسألة البراءة الأصلية.
ومن الاحتياط الواجب في الحكم الشرعي ـ لكن بالترك ـ ما إذا تردد الفعل بين كونه واجبا أو محرما ، فان المستفاد من الاخبار ان الاحتياط هنا بالترك.
كما تدل عليه موثقة سماعة عن ابي عبد الله (عليهالسلام) (١) قال : «سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه ، أحدهما يأمر بأخذه والآخر ينهاه عنه ، كيف يصنع؟ قال : يرجئه حتى يلقى من يخبره. فهو في سعة حتى يلقاه».
وموثقة زرارة (٢) «في أناس من أصحابنا حجوا بامرأة معهم فقدموا الى الوقت
__________________
(١) المروية في الوسائل في باب ـ ٩ ـ من أبواب صفات القاضي وما يقضى به من كتاب القضاء.
(٢) المروية في الوسائل في باب ـ ١٤ ـ من أبواب المواقيت من كتاب الحج. وفي باب ـ ١٢ ـ من أبواب صفات القاضي وما يقضى به من كتاب القضاء.