احتجاج المولى به على العبد. وروح المسألة عبارة عن كون الأمر حجّة في الوجوب أو لا ، وهكذا كلّ ما مرّ في باب الأوامر والنواهي.
الثالث : قد تضافرت الأخبار عن أئمّة أهل البيت (عليهمالسلام) فى مضمون «أنّ اليقين لا يُنقض بالشك» ، وظاهره اجتماعهما في زمان واحد وعدم نقض أحدهما الآخر ، وهو في بادئ النظر أمر غريب ، لأنّهما لا يجتمعان حتى لا ينقض أحدُهما الآخر ، لأنّ اليقين هو الجزم بشيء ، والشكّ هو التردّد وانفصام الجزم ، فكيف يجتمعان؟! والجواب أنّ اليقين والشكّ لا يجتمعان إذا كان المتعلّق واحداً ذاتاً وزماناً ، كما إذا فرضنا انّه تيقّن بعدالة زيد يوم الجمعة ثمّ شكّ في نفس ذلك اليوم في عدالته ، ففي مثله لا يمكن اجتماع اليقين والشكّ ، فعند ما يكون متيقناً لا يمكن أن يكون شاكاً وبالعكس.
وأمّا إذا كان متعلقاهما متحدين جوهراً ، ومتغايرين زماناً ، فاليقين والشكّ يجتمعان قطعاً ، مثلاً لو تيقن بعدالة زيد يوم الجمعة لكن صدر منه يوم السبت فعلٌ شكَ معه في بقاء عدالته في ذلك اليوم ، ففي هذا الظرف يجتمع اليقين والشكّ فهو في آن واحد متيقن بعدالة زيد يوم الجمعة لا يشك فيه أبداً ، وهو في الوقت نفسه شاك في عدالته يوم السبت ، وبذلك صحّ اجتماع اليقين والشكّ في زمان واحد لتغاير المتعلّقين زماناً ، وإلى ذلك يؤول قولهم في باب الاستصحاب «اليقين يتعلّق بالحدوث والشكّ بالبقاء» فمقتضى الاستصحاب إبقاء عدالة زيد يوم الجمعة إلى يوم السبت وترتيب أثر العدالة في زمان الشك.
وبذلك علم أنّ الاستصحاب يتقوّم بأمرين :
أ. فعليّة اليقين في ظرف الشكّ ، ووجودهما في آن واحد في وجدان المستصحِب.