ففي الصورة الأُولى يكون المرجع هو عموم العام ، لافتراض أنّ الأخذ بحكم المخصص يستلزم تخصيصاً زائداً ، ومن المعلوم أنّ المرجع عند الشكّ في التخصيص هو عموم الدليل الاجتهادي ، مثلاً إذا قال المولى : أكرم العلماء ، وعلمنا بخروج زيد ثمّ شككنا في خروج عمرو ، فكما أنّ المرجع عندئذ هو عموم قوله : أكرم العلماء ، لأنّ خروج عمرو تخصيص زائد ، فهكذا المقام ، فالعقد الغبني في الآن الأوّل موضوع كما انّه في الآن الثاني موضوع ثان ، وقد دلّ الدليل على التخصيص الأوّل ، وبقي العقد في الآن الثاني تحت العام ، فيتمسك به لتقدم الدليل الاجتهادي على الأصل العملي وهو استصحاب حكم المخصص.
وهذا بخلاف ما إذا كان للفرد في جميع الأزمنة مصداق واحد بحيث لا يلزم من خروجه في الآن الأوّل والثاني إلّا تخصيص واحد ، ففي مثله يؤخذ باستصحاب حكم المخصص ، لأنّه كان متيقناً وشكّ في بقائه ، ولا ينقض اليقين بالشك ولا يؤخذ بالعام لخروجه عنه حسب الفرض ، فرجوعه تحت العام ثانياً يتوقف على دليل خاصّ.
وزبدة القول : هي أنّه لو كان الزمان في ناحية العام قيداً للموضوع العقد ومفرِّداً له بحيث يلزم من خروجه بعد الآن الأوّل تخصيص ثان وثالث فالمرجع هو عموم العام.
وأمّا إذا كان الزمان في ناحية العام ظرفاً لبيان استمرار الحكم بحيث يكون له في جميع الأزمنة فرد واحد ولا يلزم من خروجه في الآونة المتأخرة تخصيص زائد ، فالمرجع هو استصحاب حكم المخصص.
وهذه هي النظرية المعروفة من الشيخ الأعظم قدَّس سرّه ، وهناك نظريات أُخرى تطلب من محالها.