الْمَشْحُونِ* فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) (١) روى المفسرون أنّه سبحانه : أوعد قوم يونس بالعذاب وأخبرهم يونس به ، فلمّا كُشف عنهم العذاب وقُبلت توبتهم ، ترك يونس قومه مغاضباً ، ومضى إلى ساحل البحر ، وركب السفينة ، وأحسّ الربّان أنّ السفينة مشرفة على الغرق ، ولو خُفِّفت بإلقاء واحد من الركّاب في البحر لنجا الكلّ ، فساهموا فأصاب السهم اسم يونس.
هذا ما في الذكر الحكيم ، وقد وردت في السنّة روايات كثيرة حول القرعة تناهز ٦٢ حديثاً ، ومن جوامع الكلم قول النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «ليس من قوم تنازعوا ثمّ فوّضوا أمرهم إلى الله إلّا خرج سهم المحقّ».
(٢) وفي حديث آخر : أيّ قضية أعدل من القرعة إذا فوِّض الأمر إلى الله ، أليس الله يقول : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ). (٣) إنّ حجّية القرعة لا تتجاوز عن مورد التنازع أو التزاحم لوجهين :
الأوّل : بناء العقلاء على العمل بها في خصوص مورد التنازع والتزاحم لا في كلّ مجهول ، أو كلّ مشتبه أو كلّ مشكل وإن لم يكن مثاراً للتنازع.
الثاني : انّ استقصاء روايات القرعة يرشدنا إلى أنّها وردت في خصوص المنازعات تعارضاً أو تزاحماً. (٤) نعم ، وردت رواية بالقرعة في مورد تمييز الموطوءة من الشاة عن غيرها ، ولكنّها رواية شاذة. وأمّا غيرها فيدلّ على اختصاصها بتزاحم الحقوق وتعارضها.
__________________
(١). الصافات : ١٣٩ ١٤١.
(٢ و ٣). الوسائل : ١٨ ، الباب ١٣ من أبواب كيفية الحكم ، الحديث ٥ و ١٣.
(٤). التعارض : فيما إذا كان الحق لواحد معين في الواقع غير معلوم لنا ، والتزاحم : إذا كان الجميع بالنسبة إلى الحق على حدّ سواء نظير حضانة مريم.