العقلائية في جميع الأمصار ، وهي لزوم رجوع الجاهل إلى العالم ، وهذا أصل قام عليه صَرْح الحياة ، إذ من المستحيل أن يستقل كل فرد متحضّر بإنجاز جميع حاجاته من جميع النواحي ، فلا محيص من تقسيم الحاجات الأوّلية والثانوية كي يتحمّل كلّ شخص أو طائفة ، ناحية من نواحيها ، ولأجل ذلك نرى أنّ أصحاب التخصّصات في العلوم والفنون ، يرجعون في غير اختصاصاتهم إلى أهل الخبرة.
والرجوع إلى علماء الدين الذين حازوا على مكانة خاصة في قلوب الناس ممّا أطبق عليه كافة العقلاء.
وأمّا الثاني ، فيكفي في الإفتاء على جواز التقليد أمران :
١. آية النفر ، فانّ التفقّه آية أنّ المنذر ، فقيه فهم الدين عن نظر وبصيرة ، وعاد ينذر قومه ببيان أحكامه سبحانه وغيرها.
٢. الروايات الإرجاعية ، فإنّ أئمّة أهل البيت أرجعوا شيعتهم إلى فقهاء أصحابهم ، كأبان بن تغلب ، ومحمد بن مسلم الثقفي ، وزرارة ، ويونس بن عبد الرحمن ، وزكريا بن آدم القمي ، ومعاذ بن مسلم النحوي ، وأضرابهم ممّن كانوا على درجة كبيرة من العلم وفهم الحكم من الكتاب والسنّة ، ونشير إلى بعض هذه الروايات :
١. سأل عبد العزيز المهتدي ، الرضا (عليهالسلام) فقال له : إنّي لا ألقاك في كلّ وقت فممّن آخذ معالم ديني؟ فقال (عليهالسلام) : «خذ عن يونس بن عبد الرحمن». (١)
٢. قال علي بن المسيّب الهمداني للرضا (عليهالسلام) : شقّتي بعيدة ولست أصِلُ إليك في كل وقت ، فممّن آخذ معالم ديني؟ قال (عليهالسلام) : «من زكريا بن آدم القمي ، المأمون على الدين والدنيا». (٢)
__________________
(١ و ٢). الوسائل : ١٨ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٤ و ٢٧. ولاحظ الأحاديث ٣٦ و ٢٣ إلى غير ذلك.