جزءاً من الأُمّة الإسلامية صحّت نسبة وصفهم إلى الجميع ، نظير قوله سبحانه : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) (١) فقد وصف عامّة بني إسرائيل بكونهم ملوكاً ، مع أنّ البعض منهم كان ملكاً.
وإذا كانت الوسطية لعدّة منهم دون الجميع ، يكون قولهم هو الحجّة كما يكونوا هم الشهداء يوم القيامة لا جميع الأُمّة وإنّما نسب إلى الجميع مجازاً. وأمّا من هو هذه العدّة فبيانه على عاتق التفسير.
ومنها : ما روي عن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «انّ أُمّتي لا تجتمع على ضلالة». ورواه أصحاب السنن. (٢)
يلاحظ عليه : أوّلاً : أنّ الحديث مع أنّه روي في غير واحد من السنن ضعيف السند.
قال الشيخ العراقي في تخريج أحاديث تفسير البيضاوي : «جاء الحديث بطرق في كلّها نظر». (٣)
وقد قمنا بدراسة هذا الحديث وتحليله في رسالة (٤) جمعنا فيها أسانيده وخرجنا بحصيلة انّ جميع تلك الأسانيد ضعيفة ، مضافاً إلى أنّ الحديث خبر واحد لا يحتجّ به في الأُصول.
ثانياً : أنّ الوارد في الحديث هو عدم الاجتماع على «الضلالة» لا عدم الاجتماع على «الخطأ» ، فيكون الحديث ناظراً إلى مسائل العقيدة التي هي مدار الهداية والضلالة لا إلى الفروع ، فلا يوصف المصيب فيها بالهداية والمخطئ بالضلالة.
__________________
(١). المائدة : ٢٠.
(٢). ابن ماجه : السنن : ٢ ، الحديث ٣٩٥٠ ؛ الترمذي : السنن : ٤ ، برقم ٢١٦٧ ؛ أبو داود : السنن : ٤ ، برقم ٤٢٥٣ ؛ مسند أحمد : ١٤٥ / ٥.
(٣). سنن ابن ماجه : ١٣٠٣ / ٢.
(٤). لاحظ كتاب «رسائل ومقالات» : ج ١٩٤ /. ٢ ٢٠٩