ونفعه ، وهو عين القياس بشهادة أنّه قال : «فدَيْن الله أحقّ بالقضاء والوفاء». (١)
يلاحظ على الاستدلال بكلا الحديثين مضافاً إلى أنّ الاستدلال على حجّية قياس غير المعصوم ، بقياس المعصوم نوع من القياس ، وهو أوّل الكلام أنّ القياس الوارد في كلام النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) من باب القياس الأولوي ، وذلك لأنّه إذا وجب الوفاء بحقوق الناس حسب النص فحقوق الله أولى بالقضاء والوفاء كما نصّ به النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في الحديث وأين هذا من مورد النزاع؟! وقد تقدّم انّ القياس الأولوي عمل بالنصّ ، لأنّه مدلول عرفي.
٣. حديث عمر بن الخطاب ، قال : قلت : يا رسول الله ، أتيتُ أمراً عظيماً ، قبّلتُ وأنا صائم ، فقال رسول الله : «أرأيت لو تمضمضت بماء وأنت صائم» ، فقلتُ : لا بأس بذلك ، فقال رسول الله : «فصم».
وجه الاستدلال : انّه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) قاس القُبْلة بالمضمضة ، فحكمَ بعدم بطلان الصوم فيها إيضاً.
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ الحديث دليل على بطلان القياس ، لأنّ عمر ظنَّ أنّ القُبلة تُبطل الصوم قياساً على الجماع ، فردَّ عليه رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : بأنّ الأشياء المماثلة والمتقاربة لا تستوي أحكامها.
وثانياً : أنّ القياس عبارة عن استفادة حكم الفرع من حكم الأصل ، بحيث يستمد الفرع حكمه من الأصل ، وليس المقام كذلك ، بل كلاهما في مستوى واحد كغصني شجرة ، أو كجدولي نهر.
وإن شئت قلت : إنّ المبطل هو الشرب لا مقدّمته (المضمضة) ، كما أنّ المبطل هو الجماع لا مقدّمته ، فبما أنّ المخاطب كان واقفاً على ذلك الحكم في
__________________
(١). السرخسي ، أُصول الفقه : ١٣٠ / ٢.