محرم غير ناتج ، وذلك كالمثال الذي نقله البخاري عن أبي حنيفة وقال : في مسألة «إذا غصب جارية فزعم انّها ماتت» فحكم القاضي في المفروض بقيمة الجارية الميّتة ، ثمّ وجدها صاحبها ، فالجارية لصاحبها وترد القيمة ولا تكون القيمة ثمناً.
ثمّ أضاف البخاري وقال : قال بعض الناس يريد أبا حنيفة «الجارية للغاصب لأخذه القيمة».
ثمّ إنّ البخاري ردّ عليه بقوله : «وفي هذا احتيال لمن اشتهى جارية رجل لا يبيعها فغصبها ، واعتلَّ بأنّها ماتت حتى يأخذ ربُّها قيمتها ، فيطيب للغاصب جارية غيره ، ثمّ رد على أبي حنيفة ، بقوله : قال النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «أموالكم عليكم حرام ولكل غادر لواء يوم القيامة». (١)
وهذا النوع من الاحتيال حرام ، لأنّ السبب الأصلي في كلام أبي حنيفة (زعم الغاصب موت الجارية) غير مؤثر في الانتقال فلا تقع ذريعة لتملّكها ، كما أنّ إخبار الغاصب بموت الجارية جازماً أو عالماً بالخلاف (السبب الفرعي في كلام البخاري) لا يكون سبباً لخروج الجارية عن ملك صاحبها وخروج قيمتها عن ملك الغاصب ، فعدم جواز التحيّل يرجع إلى أنّ السبب غير مؤثر.
الرابع : إذا كانت الوسيلة حلالاً ، ولكن الغاية هي الوصول إلى الحرام على نحو لا تتعلّق إرادته الجدية إلّا بالمحرّم ، ولو تعلّقت بالسبب فإنّما تعلّقت به صورياً لا جدياً ، كما إذا باع ما يساوي عشرة بثمانية نقداً ثمّ اشتراه بعشرة نسيئة إلى أربعة أشهر ، فمن المعلوم أنّ الإرادة الجدية تعلّقت باقتراض ثمانية ودفع عشرة وحيث إنّه رباً محرّم احتال ببيعين مختلفين مع عدم تعلّق الإرادة الجدية بهما ، فيكون فتح هذه الذريعة أمراً محرّماً ، وهذا ما يسمّى ببيوع الآجال ، وقد أشار سبحانه إلى
__________________
(١). البخاري : الصحيح : ٣٢ / ٩ ، كتاب الإكراه.