بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً). (١)
الثاني : انّ بعث الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) كناية عن إتمام الحجّة على الناس ، وبما انّ الرسول أفضل واسطة للبيان والإبلاغ أُنيط التعذيب بالرسول ، وإلّا يصحّ العقاب ببعث غيره أيضاً لوحدة المناط وحصول الغاية المنشودة.
وعلى ضوء ذلك فلو لم يبعث الرسول بتاتاً ، أو بعث ولم يتوفق لبيان الأحكام أبداً ، أو توفق لبيان البعض دون البعض الآخر ، أو توفق للجميع لكن حالت الحواجز بينه وبين بعض الناس ، لقبح العقاب إلّا في الواصل من التكليف ، وذلك لاشتراك جميع الصور في عدم تمامية الحجة.
والمكلف الشاك في الشبهات التحريمية من مصاديق القسم الأخير ، فإذا لم يصل إليه البيان لا بالعنوان الأوّلي ولا بالعنوان الثانوي كإيجاب الاحتياط ، ينطبق عليه قوله سبحانه : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)أي نُبيّن الحكم والوظيفة.
ولأجل ذلك نرى أنّه سبحانه يعلّق إهلاك القرية على وجود المنذر ويقول : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ). (٢) هذا كلّه حول الآيتين الأُوليين.
٣. وقال سبحانه : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى). (٣)
٤. وقال سبحانه : (وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ). (٤)
والاستدلال بهما مبني على أنّه سبحانه استصوب منطق المجرمين ، وهو
__________________
(١). آل عمران : ١٤٥.
(٢). الشعراء : ٢٠٨.
(٣). طه : ١٣٤.
(٤). القصص : ٤٧.