يَرْجِعُونَ) [الأنبياء : ٩٥] ، أي لا يرجعون عن كفرهم حتى ينقضي العالم ، أو انتفاء رجوعهم إلينا في اعتقادهم يزول عند انقضاء الدنيا. فيكون المقصود الإخبار عن دوام كفرهم على كلا الوجهين. وعلى هذا التفسير ففتح يأجوج وماجوج هو فتح السدّ الذي هو حائل بينهم وبين الانتشار في أنحاء الأرض بالفساد ، وهو المذكور في قصة ذي القرنين في سورة الكهف.
وتوقيت وعد الساعة بخروج يأجوج وماجوج أن خروجهم أول علامات اقتراب القيامة.
وقد عدّه المفسرون من الأشراط الصغرى لقيام الساعة.
وفسّر اقتراب الوعد باقتراب القيامة ، وسمّيت وعدا لأن البعث سمّاه الله وعدا في قوله تعالى : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) [الأنبياء : ١٠٤].
وعلى هذا أيضا جعلوا ضمير (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) عائد إلى «يأجوج وماجوج» فالجملة حال من قوله (يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ).
وبناء على هذا التفسير تكون هذه الآية وصفت انتشار يأجوج وماجوج وصفا بديعا قبل خروجهم بخمسة قرون فعددنا هذه الآية من معجزات القرآن العلمية والغيبية. ولعل تخصيص هذا الحادث بالتوقيت دون غيره من علامات قرب الساعة قصد منه مع التوقيت إدماج الإنذار للعرب المخاطبين ليكون ذلك نصب أعينهم تحذيرا لذرياتهم من كوارث ظهور هذين الفريقين فقد كان زوال ملك العرب العتيد وتدهور حضارتهم وقوتهم على أيدي يأجوج وماجوج وهم المغول والتتار كما بيّن ذلك الإنذار النبوي في ساعة من ساعات الوحي. فقد
روت زينب بنت جحش أن النبي صلىاللهعليهوسلم دخل عليها فزعا يقول : «لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شرّ قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج وماجوج هكذا» وحلّق بأصبعه الإبهام والتي تليها.
والاقتراب على هذا اقتراب نسبي على نسبة ما بقي من أجل الدنيا بما مضى منه كقوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) [القمر : ١].
ويجوز أن يكون المراد بفتح يأجوج وماجوج تمثيل إخراج الأموات إلى الحشر ، فالفتح معنى الشق كقوله تعالى : (يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ) [ق : ٤٤] ، ويكون اسم يأجوج وماجوج تشبيها بليغا. وتخصيصهما بالذكر لشهرة كثرة