المعاندين بالحق يوم بدر.
والمعنى : قل ذلك بمسمع منهم إظهارا لتحديه إياهم بأنه فوّض أمره إلى ربه ليحكم فيهم بالحق الذي هو خضد شوكتهم وإبطال دينهم ، لأن الله يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.
الباء في قوله تعالى (بِالْحَقِ) للملابسة. وحذف المتعلّق الثاني لفعل (احْكُمْ) لتنبيههم إلى أن النبي على الحق فإنه ما سأل الحكم بالحق إلا لأنه يريده ، أي احكم لنا أو فيهم أو بيننا.
وقرأ الجمهور قل بصيغة الأمر. وقرأ حفص (قالَ) بصيغة الماضي مثل قوله تعالى : قل ربي يعلم القول [الأنبياء : ٤] في أول هذه السورة. ولم يكتب في المصحف الكوفي بإثبات الألف. على أنه حكاية عن الرسول صلىاللهعليهوسلم.
و (رَبِ) منادى مضاف حذفت منه ياء المتكلم المضاف هو إليها وبقيت الكسرة دليلا على الياء.
وقرأ الجمهور ـ بكسر الباء ـ من (رَبِ). وقرأه أبو جعفر ـ بضم الباء ـ وهو وجه عربيّ في المنادى المضاف إلى ياء المتكلم كأنهم جعلوه بمنزلة الترخيم وهو جائز إذا أمن اللبس.
وتعريف المسند إليه بالإضافة في قوله تعالى (وَرَبُّنَا) لتضمنها تعظيما لشأن المسلمين بالاعتزاز بأن الله ربّهم.
وضمير المتكلم المشارك للنبي ومن معه من المسلمين. وفيه تعريض بالمشركين بأنهم ليسوا من مربوبية الله في شيء حسب إعراضهم عن عبادته إلى عبادة الأصنام كقوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) [محمد : ١١].
والرحمن عطف بيان من (رَبُّنَا) لأن المراد به هنا الاسم لا الوصف تورّكا على المشركين ، لأنهم أنكروا اسم الرحمن (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً) [الفرقان : ٦٠].
وتعريف (الْمُسْتَعانُ) لإفادة القصر ، أي لا أستعين بغيره على ما تصفون ، إذ لا ينصرنا غير ربنا وهو ناظر إلى قوله تعالى : (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة : ٥].