الساعة إضافة حقيقية فيكون في معنى قوله تعالى : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) [الزلزلة : ١] الآية.
ويجوز أن تكون الزلزلة مجازا عن الأهوال والمفزعات التي تحصل يوم القيامة فإن ذلك تستعار له الزلزلة ، قال تعالى : (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ) [البقرة : ٢١٤] أي أصيبوا بالكوارث والأضرار لقوله قبله : (مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ) [البقرة : ٢١٤]. وفي دعاء النبي صلىاللهعليهوسلم على الأحزاب : «اللهم اهزمهم وزلزلهم».
والإتيان بلفظ (شَيْءٌ) للتهويل بتوغله في التنكير ، أي زلزلة الساعة لا يعرّف كنهها إلّا بأنها شيء عظيم ، وهذا من المواقع التي يحسن فيها موقع كلمة (شَيْءٌ) وهي التي نبّه عليها الشيخ عبد القاهر في «دلائل الإعجاز» في فصل في تحقيق القول على البلاغة والفصاحة وقد ذكرناه عند قوله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) في [سورة البقرة : ٢٢٩].
والعظيم : الضخم ، وهو هنا استعارة للقوي الشديد ، والمقام يفيد أنه شديد في الشرّ.
(يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ (٢))
جملة (يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ) إلخ ... بيان لجملة (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) [الحج : ١] لأن ما ذكر في هذه الجملة يبيّن معنى كونها شيئا عظيما وهو أنه عظيم في الشرّ والرعب.
ويتعلق (يَوْمَ تَرَوْنَها) بفعل (تَذْهَلُ). وتقديمه على عامله للاهتمام بالتوقيت بذلك اليوم وتوقع رؤيته لكل مخاطب من الناس. وأصل نظم الجملة : تذهل كل مرضعة عما أرضعت يوم ترون زلزلة الساعة. فالخطاب لكلّ من تتأتّى منه رؤية تلك الزلزلة بالإمكان.
وضمير النصب في (تَرَوْنَها) يجوز أن يعود على (زَلْزَلَةَ) [الحج : ١] وأطلقت الرؤية على إدراكها الواضح الذي هو كرؤية المرئيات لأنّ الزلزلة تسمع ولا ترى. ويجوز أن يعود إلى الساعة.
ورؤيتها : رؤية ما يحدث فيها من المرئيات من حضور الناس للحشر وما يتبعه