دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه.
وما وقع بين هاتين الجملتين استطراد واعتراض.
والرؤية : علمية. والخطاب لغير معين.
والاستفهام إنكاريّ. أنكر على المخاطبين عدم علمهم بدلالة أحوال المخلوقات على تفرد الله بالإلهية. ويجوز أن يكون الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم والاستفهام تقريريا ، لأنّ حصول علم النبي صلىاللهعليهوسلم بذلك متقرّر من سورة الرعد وسورة النحل. وقد تقدم الكلام على معنى هذا السجود في السورتين المذكورتين.
وقد استعمل السجود في حقيقته ومجازه ، وهو حسن وإن أباه الزمخشري ، وقد حققناه في المقدمة التاسعة ، لأن السجود المثبت لكثير من الناس هو السجود الحقيقي ، ولو لا إرادة ذلك لما احترس بإثباته لكثير من الناس لا لجميعهم.
ووجه هذا التفكيك أن سجود الموجودات غير الإنسانية ليس إلا دلالة تلك الموجودات على أنها مسخرة بخلق الله ، فاستعير السجود لحالة التسخير والانطياع. وأما دلالة حال الإنسان على عبوديته لله تعالى فلما خالطها إعراض كثير من الناس عن السجود لله تعالى ، وتلبّسهم بالسجود للأصنام كما هو حال المشركين غطّى سجودهم الحقيقي على السجود المجازي الدال على عبوديتهم لله لأن المشاهدة أقوى من دلالة الحال فلم يثبت لهم السجود الذي أثبت لبقيّة الموجودات وإن كان حاصلا في حالهم كحال المخلوقات الأخرى.
وجملة (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) معترضة بالواو.
وجملة (حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) مكنّى بها عن ترك السجود لله ، أي حق عليهم العذاب لأنهم لم يسجدوا لله ، وقد قضى الله في حكمه استحقاق المشرك لعذاب النار. فالذين أشركوا بالله وأعرضوا عن إفراده بالعبادة قد حق عليهم العذاب بما قضى الله به وأنذرهم به.
وجملة (وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) اعتراض ثان بالواو.
والمعنى : أن الله أهانهم باستحقاق العذاب فلا يجدون من يكرمهم بالنصر أو بالشفاعة.