بارزوا يوم بدر شيبة بن ربيعة ، وعتبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة.
وفي «صحيح البخاري» عن علي بن أبي طالب قال : أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة. قال قيس بن عبادة : وفيهم نزلت (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ). قال : هم الذين بارزوا يوم بدر : علي ، وحمزة ، وعبيدة ، وشيبة بن ربيعة ، وعتبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة. وليس في كلام عليّ أنّ الآية نزلت في يوم بدر ولكن ذلك مدرج من كلام قيس بن عبادة ، وعليه فهذه الآية مدنيّة فتكون (هذانِ) إشارة إلى فريقين حاضرين في أذهان المخاطبين فنزّل حضور قصتهما العجيبة في الأذهان منزلة المشاهدة حتى أعيد عليها اسم الإشارة الموضوع للمشاهد ، وهو استعمال في كلام البلغاء ، ومنه قول الأحنف بن قيس : «خرجت لأنصر هذا الرجل» يريد عليّ بن أبي طالب في قصة صفّين.
والأظهر أن أبا ذر عنى بنزول الآية في هؤلاء أن أولئك النفر الستة هم أبرز مثال وأشهر فرد في هذا العموم ، فعبر بالنزول وهو يريد أنهم ممن يقصد من معنى الآية. ومثل هذا كثير في كلام المتقدمين. والاختصام على الوجه الأول حقيقي وعلى الوجه الثاني أطلق الاختصام على المبارزة مجازا مرسلا لأن الاختصام في الدين هو سبب تلك المبارزة.
واسم الخصم يطلق على الواحد وعلى الجماعة إذا اتحدت خصومتهم كما في قوله تعالى : (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) [ص : ٢١] فلمراعاة تثنية اللفظ أتي باسم الإشارة الموضوع للمثنى ولمراعاة العدد أتي بضمير الجماعة في قوله تعالى : (اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ).
ومعنى (فِي رَبِّهِمْ) في شأنه وصفاته ، فالكلام على حذف مضاف ظاهر. وقرأ الجمهور هذان ـ بتخفيف النون ـ. وقرأه ابن كثير ـ بتشديد النون ـ وهما لغتان.
والتقطيع : مبالغة القطع ، وهو فصل بعض أجزاء شيء عن بقيته. والمراد : قطع شقّة الثوب. وذلك أنّ الذي يريد اتخاذ قميص أو نحوه يقطع من شقة الثوب ما يكفي كما يريده ، فصيغت صيغة الشدة في القطع للإشارة إلى السرعة في إعداد ذلك لهم فيجعل لهم ثياب من نار. والثياب من النار ثياب محرقة للجلود وذلك من شئون الآخرة.
والحميم : الماء الشديد الحرارة.