الدخول للكعبة قد ظلموهم باستئثارهم بمكة.
وقرأ الجمهور (سَواءً) ـ بالرفع ـ على أنه مبتدأ و (الْعاكِفُ فِيهِ) فاعل سدّ مسدّ الخبر ، والجملة مفعول ثان ل (جَعَلْناهُ). وقرأه حفص بالنصب على أنه المفعول الثاني ل (جَعَلْناهُ).
والعكوف : الملازمة. والبادي : ساكن البادية.
وقوله (سَواءً) لم يبيّن الاستواء فيما ذا لظهور أنّ الاستواء فيه بصفة كونه مسجدا إنما هي في العبادة المقصودة منه ومن ملحقاته وهي : الطواف ، والسّعي ، ووقوف عرفة.
وكتب (وَالْبادِ) في المصحف بدون ياء في آخره ، وقرأ ابن كثير والبادي بإثبات الياء على القياس لأنه معرف ، والقياس إثبات ياء الاسم المنقوص إذا كان معرّفا باللام ، ومحمل كتابته في المصحف بدون ياء عند أهل هذه القراءة أنّ الياء عوملت معاملة الحركات وألفات أواسط الأسماء فلم يكتبوها. وقرأه نافع بغير ياء في الوقف وأثبتها في الوصل. ومحمل كتابته على هذه القراءة بدون ياء أنه روعي فيه التخفيف في حالة الوقف لأن شأن الرسم أن يراعى فيه حالة الوقف.
وقرأه الباقون بدون ياء في الحالين الوصل والوقف. والوجه فيه قصد التخفيف ومثله كثير.
وليس في هذه الآية حجة لحكم امتلاك دور مكة إثباتا ولا نفيا لأنّ سياقها خاص بالمسجد الحرام دون غيره. ويلحق به ما هو من تمام مناسكه : كالمسعى ، والموقف ، والمشعر الحرام ، والجمار. وقد جرت عادة الفقهاء أن يذكروا مسألة امتلاك دور مكة عند ذكر هذه الآية على وجه الاستطراد. ولا خلاف بين المسلمين في أنّ الناس سواء في أداء المناسك بالمسجد الحرام وما يتبعه إلّا ما منعته الشريعة كطواف الحائض بالكعبة.
وأما مسألة امتلاك دور مكة فللفقهاء فيها ثلاثة أقوال : فكان عمر بن الخطاب وابن عباس وغيرهما يقولون : إن القادم إلى مكة للحج له أن ينزل حيث شاء من ديارها وعلى رب المنزل أن يؤويه. وكانت دور مكة تدعى السوائب في زمن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبي بكر وعمر رضياللهعنهما.
وقال مالك والشافعي : دور مكة ملك لأهلها ، ولهم الامتناع عن إسكان غيرهم ، ولهم إكراؤها للناس ، وإنما تجب المواساة عند الضرورة ، وعلى ذلك حملوا ما كان يفعله