مرغوب أو بدون تعليق ، وبالنذر تصير القربة الملتزمة واجبة على الناذر. وأشهر صيغة : لله عليّ ... وفي هذه الآية دليل على أن النذر كان مشروعا في شريعة إبراهيم ، وقد نذر عمر في الجاهلية اعتكاف ليلة بالمسجد الحرام ووفى به بعد إسلامه كما في الحديث.
وقرأ الجمهور (وَلْيُوفُوا) ـ بضم التحتية وسكون الواو بعدها ـ مضارع أوفى ، وقرأ أبو بكر عن عاصم (وَلْيُوفُوا) ـ بتشديد الفاء وهو بمعنى قراءة التخفيف لأن كلتا الصيغتين من فعل وفي المزيد فيه بالهمزة وبالتضعيف.
وختم خطاب إبراهيم بالأمر بالطواف بالبيت إيذانا بأنّهم كانوا يجعلون آخر أعمال الحج الطواف بالبيت وهو المسمّى في الإسلام طواف الإفاضة.
والعتيق : المحرر غير المملوك للناس. شبه بالعبد العتيق في أنه لا ملك لأحد عليه. وفيه تعريض بالمشركين إذ كانوا يمنعون منه من يشاءون حتى جعلوا بابه مرتفعا بدون درج لئلا يدخله إلّا من شاءوا كما جاء في حديث عائشة أيام الفتح. وأخرج الترمذي بسند حسن أن رسول الله قال : «إنما سمّى الله البيت العتيق لأنه أعتقه من الجبابرة فلم يظهر عليه جبّار قطّ».
واعلم أنّ هذه الآيات حكاية عما كان في عهد إبراهيم عليهالسلام فلا تؤخذ منها أحكام الحجّ والهدايا في الإسلام.
وقرأ الجمهور (ثُمَّ لْيَقْضُوا) ـ و (لْيُوفُوا) ـ و (لْيَطَّوَّفُوا) بإسكان لام الأمر في جميعها. وقرأ ابن ذكوان عن ابن عامر : (وَلْيُوفُوا) ـ و (لْيَطَّوَّفُوا) ـ بكسر اللام فيهما ـ. وقرأ ابن هشام عن ابن عامر ، وأبو عمرو ، وورش عن نافع ، وقنبل عن ابن كثير ، ورويس عن يعقوب : (ثُمَّ لْيَقْضُوا) ـ بكسر اللّام ـ. وتقدّم توجيه الوجهين آنفا عند قوله تعالى : (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) [الحج : ١٥].
وقرأ أبو بكر عن عاصم (وَلْيُوفُوا) بفتح الواو وتشديد الفاء من وفّى المضاعف.
[٣٠ ، ٣١] (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (٣١))